قد سلك بعض المتأخرين -قلت: لعله يريد الإمام النووي؛ فالمذكور هناك: طريقته في كتابه "الأذكار". انظر مثالًا فيه (١/ ١٩٦)، وإنما أبهم اسمه على حد قول النووي فيه (٢/ ٩٢٤) تحت باب (في ألفاظ حكي عن جماعة من العلماء كراهتها، وليست بمكروهة): "واعلم أني لا أسمي القائلين بكراهة هذه الألفاظ؛ لئلا تسقط جلالتهم، ويُساءُ الظن بهم، وليس الغرض القدح فيهم، وإنما المطلوب التحذير من أقوال باطلة نُقِلَت عنهم"- في ذلك طريقة في بعضها، وهو أن الداعي يُستحب له أن يجمع بين تلك الألفاظ المختلفة"، ثم قال رحمه اللَّه: "ونازعه في ذلك آخرون، وقالوا: هذا ضعيف من وجوه: أحدها: أن هذه طريقة محدثة لم يسبق إليها أحد من الأئمة المعروفين. الثاني: أن صاحبها إن طَرَّدَها؛ لزمه أن يستحبَّ للمصلِّي أن يستفتح بجميع أنواع الاستفتاحات، وأن يتشهد بجميع أنواع التشهدات، وأن يقول في ركوعه وسجوده جميع الأذكار الواردة فيه، وهذا باطل قطعًا؛ فإنه خلاف عمل الناس، ولم يستحبه أحد من أهل العلم، وهو بدعة، وإن لم يُطَرِّدْها؛ تناقض، وفَرَّقَ بين متماثِلَيْن. الثالث: أن صاحبها ينبغي أن يستحبَّ للمصلِّي والتالي أن يجمع بين القراءات المتنوعة في التلاوة في الصلاة وخارجها؛ قالوا: ومعلوم أن المسلمين متَّفقون على أنه لا يستحب ذلك للقارئ في الصلاة ولا خارجها إذا قرأ قراءة عبادة وتدبُّر، وإنما يفعل ذلك القرَّاء أحيانًا؛ ليمتحن بذلك حفظ القارئ لأنواع القراءات وإحاطته بها واستحضاره إياها والتمكن من استحضارها عند طلبها؛ فذلك تمرين وتدريب، لا تعبد يستحبُّ لكل تالٍ وقارئ، ومع هذا؛ ففي ذلك للناس كلام ليس هذ موضه. . . الرابع: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يجمع بين تلك الألفاظ المختلفة في آن واحد، بل إما أن يكون قال هذا مرة وهذا مرة؛ كألفاظ الاستفتاح والتشهد وأذكار الركوع والسجود وغيرها، فاتباعه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقتضي أن لا يجمع بينها، بل يُقال هذا مرة وهذا مرة، وإما أن يكون الراوي قد شك في أي الألفاظ قال، فإن ترجح عند الداعي بعضُها؛ صار إليه، وإن لم يترجح عنده =