على وجهين، وظاهر كلام أحمد لزومه، وهو اختيار ابن أبي موسى؛ لأن في الاعتكاف في هذا الزمن فضيلة لا توجد في غيره؛ فلا يجزئ القضاء في غيره، كما لو نذر الاعتكاف في المسجد الحرام ثم أفسده؛ فإنه يتعين القضاء فيه، ولأن نذر اعتكافه يشتمل على نذر اعتكاف ليلة القدر؛ فتعين لأن غيرها لا يساويها.
وعلى هذا؛ فنقول: لو نذر اعتكاف عشرة أيام، فشرع في اعتكافها في أول العشر الأواخر ثمَّ أفسده؛ لزمه قضاؤه في العشر من قابل؛ لأن اعتكاف العشر لزمه بالشروع عن نذره، فإذا أفسده؛ لزمه قضاؤه على صفة ما أفسده (١).
* * *
(١) وقول المؤلف: "لو نذر" لا يعني هذا أن النذر جائز جوازًا مستوي الطرفين؛ لأن النذر إما مكروه أو محرم؛ لنهي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه، والقاعدة التي تقررت الآن هو أنه إذا شرع الإنسان في عبادة تلزمه، وهذا احتراز من التي لا تلزمه؛ كالتطوع، ثمَّ أفسدها لزمه قضاؤها على الصفة التي أفسدها، وإن كان أكثر أو أزيد مما في ذمته، والتعليل لأنها لزمت بالشروع، ودخوله في هذا الأمر الواجب عبارة عن إلزام نفسه بأن يفعله على هذه الصفة. (ع).