للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوطء (١).

النوع الرابع: أن يتعمد الشروع في فعل محرم عالمًا بتحريمه، ثم يريد تركه والخروج منه وهو متلبس به؛ فيشرع في التخلص منه بمباشرته (٢) أيضًا، كمن توسَّط دارًا مغصوبة ثم تاب وندم وأخذ في الخروج منها، أو طيب المحرم بدنه عامدًا ثم تاب وشرع في غسله بيده قصدًا لإزالته، أو


(١) هذه المسألة وهي إذا كان يعلم أنه إذا باشر الفعل المباح باشر المحرم؛ فهل يحرم عليه أولًا؟
ذكر فيه للأصحاب قولين، وضرب لذلك مثالين:
الأول: قال لزوجته: إن وطئتك فأنت طالق ثلاثًا، فإذا وطئها، فتكون بائنًا منه، فإذا نزع، فقد نزع بأجنبية منه، فإذا قلنا: النزع جماع؛ صار كأنه جامع امرأة أجنبية، وإذا قلنا: العبرة بالابتداء، وأنه ابتدأ الوطء وهي مباحة له، وليس النزع بجماع؛ فإن هذا النزع لا يحرم عليه، وهذا هو الصحيح، ولكن هذه المسألة أشهر من المسألة السابقة؛ لأن السابقة جامع وهو لا يتيقن أنه لن ينزع إلا بعد التحريم، وكذلك إذا قال: إن جامعتك فأنت عليّ كظهر أمي، وهذا ظهار، والمظاهر منها لا يجوز جماعها؛ فهل يجوز حينئذ أن يقدم على الجماع؟
إن أقدم عليه؛ صار مظاهرًا، أو إن لم يقدم؛ فرط في حقِّ الزوجة بالجماع؛ فهو إن جامع فحرام، وإن لم يجامع فحرام، فيقال له: أنت الذي أحرجت نفسك، والصحيح في هذه المسألة أنه لا بأس أن يجامع أولًا؛ لأننا نمنع أن يكون النزع جماعًا، بل هو جزء من الجماع.
ثانيًا: إنه لا يصدق الجماع الذي تترتب عليه الأحكام إلا بالجماع والنزع، فيقال: جامع زوجته ليس المقصود الإيلاج فقط، بل هو إيلاج ونزع.
وهذه التعليلات الفقهية أشبه ما تكون بكلام المتكلمين في العقيدة، وإلا؛ فالقول الراجح بلا شك أن الرجل إذا لم يثبت التحريم في حقه إلا بعد الإيلاج، فإن النزع تخلع من الحرام وليس فعل الحرام، ولا تكون المرأة مظاهرة بمجرد النزع، وكذا الطلاق. (ع).
(٢) في المطبوع: "بمباشرة"، والصواب ما أثبتناه.