للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نزاع، وأما مع عدمها؛ فيجوز فيما تتوق إليه النفوس مع عدم الحفظ والاحتراز عليه، وذلك في صور:

- (منها): الأكل من الأطعمة في دار الحرب وإطعام الدواب المعدة للركوب، فإن كانت للتجارة؛ ففيه روايتان، وإن كانت للتصيد (١) بها؛ فوجهان، وسواء كان محتاجًا (٢) إليه أو لم يكن في أشهر الطريقتين (٣)، وفي الثانية لا يجوز إلا للحاجة بقدرها.

وفي رد عوضه (٤) في المغنم روايتان، وهي طريقة ابن أبي موسى، واختلف الأصحاب في محل الجواز؛ فقيل: محله ما لم يحرزه الإِمام، فإذا أحرزه أو وكل به من يحفظه؛ لم يجز الأكل إلا لضرورة، وهي طريقة الخرقي (٥)؛ لأن إحرازه منع من التناول منه، وأما قبل الإحراز؛ فإن حفظه يشق ويتسامح بمثله عادة، وقيل: يجوز الأكل ما داموا في أرض الحرب، وإن أحرز ما لم يقسم -وهي طريقة القاضي- وإن فضلت منه فضلة؛ فهل يجب ردها مطلقًا أو يشترط كثرتها؟


(١) في (ج): "للصيد".
(٢) في المطبوع و (ج): "يحتاج".
(٣) في المطبوع: "الطريقين".
(٤) في المطبوع: "عوضها".
(٥) انظر قوله في "المغني" (٩/ ٢٢٨/ ٧٥٦٨).
وعلَّل ذلك ابن قدامة قائلًا: "لأننا إنما أبحنا أخذه في جمعه؛ لأنه لم يثبت فيه ملك المسلمين بعد، فأشبه المباحات من الحطب والحشيش، فإذا حِزت المغانم ثبت ملك المسلمين فيها، فخرجت عن حيز المباحات وصارت كسائر أملاكهم؛ فلم يجز الأكل منها الا لضرورة، وهو أن لا يجدوا ما يأكلونه؛ فحينئذٍ يجوز؛ لأن حفظ نفوسم ودوابهم أهم".