للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٣٥ - * روى مسلم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له، ونحن معه، إذ حادت به، فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة، أو خمسة، فقال: "من يعرف أصحاب هذه الأقبر"؟ قال رجل: أنا، قال: "فمتي ماتوا"؟ قال: في الشرك، فقال: "إن هذه الأمة تبتلي في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه" ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: "تعوذوا بالله من عذاب القبر" قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال: "تعوذوا بالله من عذاب النار" قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار، قال: "تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن" قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر ومنها وما بطن قال: "تعوذوا بالله من فتنة الدجال" قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال.

أقوال:

لقد مر معنا من قبل أن أهل الجاهلية إذا بلغهم شيء من الدين الحق عن طريق صحيح كأن بلغهم شيء من دين إبراهيم عن طريق صحيح فإن الحجة قائمة عليهم ويستأهلون العذاب، واليهود مكلفون بالشريعة الحقة، ومكلفون بالإيمان بعيسى عليه السلام ثم بمحمد عليه الصلاة والسلام بعد بلوغهم بعثته فإذا لم يؤمنوا استحقوا العذاب، وهذا في فهمنا هو السر الذي استحق به العذاب من ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الروايات الآنفة الذكر، وهذا التخريج يمشي على مذهب الأشاعرة الذين يرون أنه لا تكليف بأصول وفروع إلا بعد التبليغ من رسول مرسل، أما على قول الماتريدية الذين هم من أهل السنة والجماعة الذين يرون أن الإنس والجن مكلفون بمعرفة الله بمحض العقل وعلى قدر استطاعتهم فإن كل إنسان لم يعرف وجود الله وصفاته التي يتوصل إليها بمحض العقل فإنه معذب ولو لم تبلغه دعوة رسول، وعلى هذا فلا إشكال في تعذيب بعض أهل الجاهلية، ويشهد لاتجاه الماتريدية الحديث الصحيح الذي يخبر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن "الله تعالى يقول لآدم: أخرج


١١٣٥ - مسلم (٤/ ٢١٩٩) ٥١ - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، ١٧ - باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر، والتعوذ منه.
(حادت): حاد عن الطريق: إذا مال عنه، حادت به: أي مالت به.

<<  <  ج: ص:  >  >>