في الإنسان جانب غيبي أخبرتنا عنه نصوص الكتاب والسنة، وهذا الجانب الغيبي يعرفه الإنسان من آثاره، وبعضه يحس به إحساساً، حتى إن إنكاره يكون إنكاراً للمحسوس، فالإنسان يميز به بين العاقل وغير العاقل، ويحس بمطالب النفس والجسد، ويحس في قلبه الذي في صدره بكثير من المعاني، وأهل الإيمان لهم إحساستهم القلبية النامية، وهناك فارق بين حياة الجنين قبل نفخ الروح، وبعد نفخ الروح فيه، فمتى نفخت الروح فيه تبدأ الحركة، هذه القضايا التي نرى آثارها جاءت نصوص كثيرة تتحدث عنها، فأصبحت من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، مما لا يسع مسلماً أو مسلمة أن ينكرها، وإن كان يسع المسلم أن يجهل تفصيلات فيها، أو تحديدات لمعانٍ دقيقة للنصوص في شأنها.
وإنها لإحدى معارك عصرنا الإيمانية: الصراع مع الذين يفسرون كل ما في الإنسان، وكل ما يجري للإنسان أو على الإنسان، بالمادة والمادية، فكل شيء عندهم في الإنسان مرتبط بآلية المادة، وإفرازاتها، وقد سرى ذلك إلى بعض أبناء المسلمين؛ فصاروا يفسرون القلب بأنه الدماغ، وهم بذلك ينكرون أن يكون للمسلم قلب مرتبط بالقلب الحسي، له وظائفه الإيمانية، وهو محل الإلهام، ومحل الإشراق، وهو محل الكفر والنفاق، وأصبح هؤلاء يميلون إلى تأويل ما ورد عن الجانب الغيبي في الإنسان بأنواع من التأويلات.
والإسلام يعطي للتجربة البشرية مداها، وللبحث العلمي مداه، ولكن هل استطاع الإنسان أن يجيب جواباً جازماً على كل الأسئلة التي لها علاقة في الإنسان، أو أن الإنسان لا زال مجهولاً.
وفي كل الأحوال فنصوص الإسلام القطعية الثبوت، القطعية الدلالة، لا يمكن أن تتناقض مع حقيقة علمية فالأصل الأصيل أن يسلم المسلم للنصوص كلها، فكيف إذا كانت النصوص في أمور غيبية تشهد لها آثارها؟!
إنه لمن فساد التصورات، ومن المكفرات، إنكار الروح، أو القلب، أو النفس، أو العقل، أو الجسد، ثم إن هذا الإنكار يترتب عليه فساد عريض، فالتربية التي لا تلحظ