للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المقدمة]

قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} (١)، فالفطرة هي أصل الخلقة، وأصل خلقة الإنسان أنه مفطور على العبودية لله، وبقدر بعد الإنسان عن العبودية يبتعد عن الفطرة:

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} (٢) وما دام الإنسان على الفطرة فهو على هداية، وإذا جانب الفطرة ضل، والهداية نور في القلب -الله أعلم به- يدل على ذلك الحديث (٣):

"خلق الله الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل".

فمن سلم له نوره كان هداية، وما لم ينطفئ نور الفطرة فالأمل في هداية الإنسان لا يزال قائمًا، ومتى انطفأ أصبح منافقًا خالصًا أو كافرًا لا أمل في هدايته.

وإنما يزداد نور الفطرة بالعمل بالشريعة فكلما ازداد العمل مع الإخلاص ازداد النور حتى يصبح الإنسان كله نورًا، ولذلك ورد في الدعاء على لسان رسولنا صلى الله عليه وسلم (٤): "واجعلني نورًا". وكثيرون من الناس يظنون أن مثل هذه الأمور من باب المجاز وهذا غلط فهذه حقائق يتذوقها المؤمنون.


(١) الروم: ٣٠ - ٣٢.
(٢) الأعراف: ١٧٢.
(٣) أحمد (٢/ ١٧٦).
الترمذي (٥/ ٣٦) -٤١ - كتاب الإيمان -١٨ - باب ما جاء في افتراق هذه الأمة.
وقال: هذا حديث حسن.
المستدرك: (١/ ٣٠).
(٤) مسلم (١/ ٥٢٩) -٦ - كتاب صلاة المسافرين -٢٦ - باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>