الراجح عند الكثير من العلماء وجوب الوفاء ممن التزم أن يتصدق بجميع ماله إذا كان على سبيل القربة. وقيل إن كان مليًا لزمه، وإن كان فقيرًا فعليه كفارة يمين، وهذا قول الليث ووافقه ابن وهب وزاد وإن كان متوسطًا يخرج قدر زكاة ماله. والأخير عن أبي حنيفة بغير تفصيل وهو قول ربيعة. وعن الشعبي وابن أبي ليلى لا يلزمه شيء أصلا. وعن قتادة يلزم الغني العشر والمتوسط السبع والمملق الخمس. وقيل يلزم الكل إلا في نذر اللجاج فكفارة يمين. وعن سحنون يلزمه أن يخرج ما لا يضر به. وعن الثوري والأوزاعي وجماعة يلزمه كفارة يمين بغير تفصيل. وعن النخعي يلزمه الكل بغير تفصيل. وإذا تقرر ذلك فقد دل حديث كعب أنه يشرع لمن أراد التصدق بجميع ماله أن يمسك بعضه، ولا يلزم من ذلك أنه لو نجزه لم ينفذ، وقيل إن التصدق بجميع المال يختلف باختلاف الأحوال: فمن كان قويًا على ذلك يعلم من نفسه الصبر لم يمنه وعليه يتنزل فعل أبي بكر الصديق وإيثار الأنصار على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن لم يكن كذلك فلا، وعليه يتنزل "لا صدقة إلا عن ظهر غني"، وفي لفظ:"أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى" اهـ.
قال الشرنبلالي في مراقي الفلاح وهو من الحنفية:
وعيادة فلان بعينه لا يكون معنى القربة فيه مقصودًا للناذر، بل مراعاة حق فلان، فلا يصح التزامه بالنذر. وفي ظاهر الرواية: عيادة المريض وتشييع الجنازة وإن كان فيه معنى حق الله تعالى فالمقصود حق المريض والميت، والناذر إنما يلتزم بنذره ما يكون مشروعًا حقا لله تعالى مقصودًا. اهـ.
قال الطحطاوي في حاشيته على مراقي الفلاح:
(قوله: بل مراعاة حق فلان) هو المقصود له. (قوله: فلا يصح التزامه) منه يؤخذ عدم صحة النذر للأموات.