أهل الفترة هم من كانوا في زمن رسل لم يبعثوا إليهم أو كانوا بقية أمل أرسل لأسلافهم رسول ثم اندثر هديه أو حرف وذلك كذرية إسماعيل عليه الصلاة والسلام بعد اندثار هديه فهؤلاء في القول الراجح ناجون لأنه لم تبلغهم رسالة رسول بطريق صحيح عن أهل ذلك فلم تقم عليهم بسبب ذلك حجة، وواضح مما مر معنا أنه ما دامت الرسالة الرسول باقية في إطارها الصحيح وبلغت عن طريق صحيح لمن هو مكلف بها فقد قامت عليه الحجة.
وعلى هذا نقول: إنه ما دامت رسالة إبراهيم وإسماعيل تصل بطريق صحيح إلى الذين بعثا إليهم فهم مكلفون ومؤاخذون على النكول والتقصير، أما بعد أن ضاعت ولم يبق أحد يبلغها على وجهها الصحيح فإن الناس وقتذاك يكونون أهل فترة، وهم على القول الراجح ناجون، وبناء عليه فإننا نحمل الأحاديث الواردة في عذاب بعض أهل الجاهلية على أنه وصلهم دين إبراهيم وإسماعيل صحيحا ثم حرفوا وبدلوا كما فعل عمرو بن لحي الذي أدخل الأصنام إلى جزيرة العرب، وعلى ضوء هذه القواعد نقول: إن أبوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجيان لأنهما رسالة سابقة ولم يدركا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ورد خلاف ذلك فإنه إما مؤول، وإما أنه محمول على توهم عند بعض الرواة فإن روايات صحيحة تعارض ذلك. فحديث مسلم الذي يقول "إن أبي وأباك في النار" قد ورد في صيغة أخرى بإسناد على شرط الشيخين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد أن ذكر أن أبا السائل في النار: "حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار".
كما أن الحديث يحتمل التأويل، فالأب في اللغة يطلق على الأب المباشر والجد ومن قله من الجدد.
ومما يدل على وجود فترة:
الحديث الذي سبق معانا وفيه:
عن الأسود بن سريع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في