يصلوا باجتهادهم إلى ما هو الصواب عند الله فلهم أجر واحد وهذا ليس معصية، وحتى بالنسبة للخطأ في الاجتهاد هم معصومون مآلا لأن الله يصحح لهم، وعلى هذا فما خلقه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم قطعًا عن الخطأ وغيره، لأنه إن حدث خطأ في الاجتهاد فإنهم يكونون مأجورين فيه ثم يصحح لهم، فالعصمة بالنسبة للمعاصي ثابتة لهم ابتداء وانتهاء، والعصمة بالنسبة للاجتهاد ثابتة لهم انتهاء، وعلى هذا فإنه يجب أن كل ما ورثناه عن رسولنا مما هو من سننه فعلا فإنه معصوم ولكن الرواة غير معصومين، ومن ههنا وجد التحقيق والمحققون والاجتهاد والمجتهدون والرواية والمحدثون والجرح والتعديل إلى غير ذلك مما تحتاجه خدمة الشرعية.
[تعليق وتأكيد]
- ذكر في هذه الأحاديث الجامعة مشاهد من الموقف ما يكون بعده، واختصرت فيها مواقف، فلم تذكر أخذ الصحف والحساب والورود على الحوض، ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من سنته أن يجمع بين تبشير وإنذار، ومن ههنا كان يذكر مشهدًا من مشاهد الإنذار ثم يسارع إلى ذكر مشهد من مشاهد التبشير وقد يطوي أشياء تحدث بين المشاهد ليفصلها في مقام آخر.
- رأينا في بعض النصوص أن بعض الرسل عليهم الصلاة والسلام يعتذرون عن أفعال فعلوها أو فعلتها أقوامهم وقد يتوهم متوهم أنهم يعتذرون عن ذنوب تنقض مبدأ العصمة للرسل عليه الصلاة والسلام وهذا وهم خاطئ؛ فالرسل معصومون منه إنما يعتذرون منه لا لأنه ذنب بل لأنهم يعرفون من جلال الله ما يقتضي منهم كثرة الخوف من أفعال هم مأجورون عليها لأنهم فعلوها باجتهاد أو ترخصوا بها في موقف يجوز فيه الترخص، أوهي من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين كما ذكرنا.