للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسائل وفوائد حول الشهادتين وكلمة التوحيد]

١ - مما يوصف به الإسلام أنه دين الوحدة والتوحيد والوحدانية، وهذه الكلمات القليلة يدخل فيها ما لا يحصى من المعاني: فنحن نثبت لله عز وجل الوحدة والوحدانية في ذاته وصفاته وأفعاله ونثبت أن الخلق كلهم عبيد لواحدٍ هو الله عز وجل، وأن الذات الإنسانية ينبغي أن تتوجه بالعبادة والعبودية والطاعة لواحدٍ هو الله عز وجل، ونثبت أن الذات البشرية ينبغي أن تكون موحدة في توجهاتها نحو الخالق، وأن البشرية كلها ينبغي أن تكون واحدة في هذا التوجه وفي الخضوع وفي الطاعة وفي الاستسلام لله في دينه، وإذا لم تتوحد البشرية على ذلك فالمستجيبون ينبغي أن يكونوا أمة واحدة وجسدًا واحدًا.

٢ - مما يخدش جناب التوحيد عند أهل السنة والجماعة: القول بالقوة المودعة ولذلك قال صاحب الخريدة:

ومن يقل بالقوة المودعة ... فذاك بدعي فلا تلتفت

فالقول بالقوة المودعة تعطيل لنصوص كثيرة، وهو يخدش الفهم الصحيح لأحدية الذات الإلهية وصمديتها وقيوميتها، فمن عرف أحدية الذات الإلهية وصمديتها وقيوميتها كما ورد ذلك في نصوص الكتاب والسنة نفى القوة المودعة، ونفى القوة المودعة يقتضي منا أن نعتقد أن كل شيء ابتداء وحالاً واستقبالاً بعلم الله وإرادته وقدرته وإمداده وأنه لا تأثير لشيء من الكائنات في أثرٍ ما إلا بالله، ومن قال غير ذلك فقد نفى افتقار كل شيء إلى الله، ويدخل في نفي القوة المودعة اعتقاد أن شيئًا من الأشياء يؤثر بطبعه دون أن يكون للقدرة الإلهية دخل مباشر في ذلك فكل شيء في الماضي والحاضر والمستقبل مفتقر إلى إيجاده وإمداده، وهذه المسألة من أهم المسائل التي وقع فيها خلاف بين أهل السنة والجماعة من جهة وبين المعتزلة من جهة أخرى وهي المسألة المشهورة بمسألة خلق الأفعال. فالنصوص متضافرة على أن كل شيء بفعل الله ابتداءً وانتهاءً. قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (١)، {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} (٢)، {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (٣)، {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} (٤)، {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ


(١) الزمر: ٦٢.
(٢) الرحمن: ٢٩.
(٣) الصافات: ٩٦.
(٤) الواقعة: ٥٨ - ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>