للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[النصوص]

٨٤٩ - * روى أبو داود عن عوف عن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يقص إلا أمير، أو مأمور، أو مختال".

قال ابن الأثير: (لا يقص إلا أمير أو مأمور الخ) أراد بهذا الخطب، وذلك: أن الأمراء كانوا يتولونها بأنفسهم، فيقصون فيها على الناس ويعظونهم، فأما المأمور: فهو من يقيمه الأمير ويختاره الأئمة، فينصبونه لذلك، ولا يكادون يختارون إلا رضيا من الناس، فاضلاً، وما سوى ذلك فلا يكاد ينتدب له من الناس إلا مراء مختال، فإن المختال ينصب نفسه لذلك من غير أن يأمره أحد من أولي الأمر، طلباً للرياسة، فهو يرائي بذلك ويختال وقيل: أراد به الفتوى في الأحكام. اهـ.

أقول: لقد قال عز وجل: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} (١) فهذا يدل على أن من فقه عليه أن يفقه، ولا يحتاج ذلك إلى إذن، ويدل عليه حديث الأشعريين الذي يأتي في جزء العلم: "ما بال أقوام لا يفقون جيرانه ... " (٢) كما يدل عليه قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (٣). فقد أخذ الله العهد على العالم أن يعلم، وعلى الجاهل أن يتعلم وهذا لا يحتاج إلى إذن أحد، وقد يحتاج إلى إجازة من العلماء من أجل أن يعرف أن القائم بذلك ثقة مأمون، وكما أن العلم والتعليم من أهلها لا يحتاجان إلى إذن فإن الدعوة إلى الله لا تحتاج إلى إذن من أحد، قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (٤)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية" (٥)، ولذلك فإن الكثير من شراح الحديث خصصوا هذا


٨٤٩ - أبو داود (٣/ ٢٢٣) - كتاب العلم - باب في القصص.
وهو حديث صحيح.
(١) التوبة: ١٢٢.
(٢) مجمع الزوائد (١/ ١٦٤). وقال: رواه الطبراني في الكبير، وفيه بكير بن معروف: قال البخاري: ارم به.
ووثقه أحمد في رواية وضعفه في أخرى، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به.
(٣) آل عمران: ١٨٧.
(٤) آل عمران: ١٠٤.
(٥) البخاري (٦/ ٤٩٦) - ٦٠ - كتاب الأنبياء - ٥٠ - باب ما ذكر عن بني إسرائيل.
والترمذي (٥/ ٤٠) - ٤٢ - كتاب العلم - ١٣ - باب ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>