للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٥) البدعة المباحة: وهي ما تناولتها قواعد الإباحة وأدلتها من الشريعة، ومن أمثلتها:

- التوسع في الطيبات بما لا يخرج بها إلى حدود المكروه أو الحرام، كأكل ما تستلذه النفس وتستطيبه من المطاعم، واستعمال ما يروق لها من الملابس والمساكن ونحو ذلك. والقاعدة في ذلك كما قال القرافي: أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة وأدلتها، فأي شيء تناولها من القواعد ألحقت به من إيجاب أو تحريم أو غيرهما (١).

رابعًا: تقسيم البدعة إلى فعلية وتركية:

والبدعة كما تشمل الفعل المخالف للسنة تشمل الترك المخالف للسنة كذلك؛ فإذا ما عزم المسلم على ترك مباح من الطيبات لغير سبب مقبول كمرض يزيد بتناوله أو ضرر ينتج عنه، أو شبهة عرضت له في اكتسابه، فإن كان تركه لذلك على غير وجه التحريم بحيث لو رغب فيه لتناوله فلا شيء فيه لأن المباح يستوي فيه الفعل والترك.

وإن حرمه على نفسه، أو نذر ترك تناوله مطلقًا أو لمدة محدودة، فهو مبتدع بهذا التحريم، وبهذا النذر، وهو داخل فيمن رغب عن السنة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لمن هم أن يصوم فلا يفطر، ومن هم أن يقوم فلا يفتر، ومن هم أن يمتنع عن النساء: "فمن رغب عن سنتي فليس مني" (٢). وموقفه في ذلك التحريم، أو نذر الترك، هو موقف أبي إسرائيل، الذي أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بترك ما هو عليه من معصية بنذره ترك المباح، ووفائه بهذا النذر، والبقاء على ما هو عليه من طاعة بالصوم وفاء للنذر.

ومن أظهر مظاهر البدع التركية في عصرنا هذا ترك العمل بأحكام الدين والحكم تبعا لنصوصه، وترك المسلمين لستر العورة، وتركهم إخراج الزكاة وترك الحكام جبايتها وتعيين العاملين عليها.


(١) الفروق للقرافي جـ ٤ ص ١٩١.
(٢) البخاري (٩/ ١٠٤) ٦٧ - كتاب النكاح. ١ - باب الترغيب في النكاح.
مسلم (٢/ ١٠٢٠) ١٦ - كتاب النكاح. ١ - باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة، واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>