باتفاق المؤرخين ويشهد لذلك كتب اليهود أنفسهم أن التوراة قد ضاعت ثم كتبت أسفار موسى الخمسة بعد الأسر البابلي، ولذلك نجد الآن عند يهود السامرة ما يسمونه توراة تختلف عن أسفار موسى الخمسة التي يعتبرها يهود اليوم والنصارى توراتهم، وتذكر أسفار العهد القديم أنه من قبل ضاع سفر التثنية أهم الأسفار، بل هو مظنة أن يكون بعضه هو التوراة المنزلة على موسى، وعثر عليه بعد مئات السنين، وتذكر أسفار العهد القديم كثرة وجود الأنبياء الكذبة وتذكر تسلل عبادات البلدان المجاورة إلى الشعب اليهودي، وهذا يستتبع كثرة الفرق، ثم كان التشتت العالمي لليهود وتأثرهم في البيئات التي عاشوا فيها، وقد أثر هذا على كثرة فرقهم، ويظهر ذلك في عصرنا إذ نجد كثيرًا من الجاليات اليهودية المهاجرة إلى فلسطين تختلف مع الأخرى نوع اختلاف، وكنموذج على تأثر اليهود بالشعوب وجود فرقة "الدونمة" في البلاد العثمانية وفرقة "الفلاشا" في الحبشة، والعرض التاريخي للفرق اليهودية والفوارق فيما بينها ليس من غرض هذا الكتاب، لأن الروايات في هذه الشؤون تحتاج إلى تمحيص وتحقيق، إن كتب العهد الجديد تذكر مثلًا كيف أن اليهود الذين واجهوا عيسى عليه السلام كانوا منقسمين إلى "صدوقيين" و "فريسيين"، والمدققون في أسفار العهد القديم يذكرون أنها كتبت على مراحل وبأقلام مختلفة، ومن خلال الروايات الشفهية، وكل ذلك يستتبع خلافات وتمزقات، ويذكر مالك بن نبي في كتابه (الظاهرة القرآنية) عن بعض المؤرخين أنه لا يوجد سوى سفر "أرميا" يمكن أن يقبل اعتماده، وأرميا نفسه يلعن أقلام النساخ الكذبة.
ومن الأسباب التي أدت إلى كثرة فرق اليهود الموقف من التلمود ومحله بالنسبة للتوراة، فبعضهم يعتبره أفضل، وبعضهم يعتبره دون التوراة، وهكذا نجد عوامل كثيرة أثرت في تفرق اليهود، وهذه نقول من كتاب الدكتور شلبي عن اليهودية تعرض لبعض الفرق أو تذكر بعض أسباب التفرق:
يقول: وبسبب كثرة الكتاب الذين اشتركوا في تدوين العهد القديم، كثرت الأخطاء فيه، ويمكننا أن نعطي منها بعض نماذج: