قال النووي: فأما الزهري فقال: الإسلام الكلمة، والإيمان العمل، واحتج بقوله تعالى:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}. وذهب غيره إلى أن الإسلام والإيمان شيء واحد واحتج بقوله تعالى {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} قال الخطابي: وقد تكلم في هذا الباب رجلان من كبراء أهل العلم وصار كل واحد منهما إلى قول من هذين، ورد الآخر منهما على المتقدم وصنف عليه كتاباً يبلغ عدد أوراقه المئتين. قال الخطابي: والصحيح من ذلك أن يقيد الكلام في هذا ولا يطلق، وذلك أن المسلم قد يكون مؤمناً في بعض الأحوال ولا يقيد الكلام في هذا ولا يطلق، وذلك أن المسلم قد يكون مؤمناً في بعض الأحوال ولا يكون مؤمناً في بعضها، والمؤمن مسلم في جميع الأحوال فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمناً، وإذا حملت الأمر على هذا استقام لك تأويل الآيات واعتدل القوم فيها ولم يختلف شيء منها.
وأصل الإيمان التصديق وأصل الإسلام الاستسلام والانقياد فقد يكون المرء مستسلماً في الظاهر غير منقاد في الباطن وقد يكون صادقاً في الباطن غير منقاد في الظاهر.
وقال الخطابي أيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم "الإيمان بضع وسبعون شعبة": في هذا الحديث بيان أن الإيمان الشرعي اسم لمعنى ذي شعب وأجزاء له أدنى وأعلى، والاسم يتعلق ببعضها كما يتعلق بكلها، والحقيقة تقتضي جميع أجزائها وتستوفي جملة أجزائه كالصلاة الشرعية لها شعب وأجزاء والاسم يتعلق ببعضها والحقيقة تقتضي جميع أجزائها وتستوفيها، ويدل عليه قول صلى الله عليه وسلم "الحياء شعبة من الإيمان" وفيه إثبات التفاضل في الإيمان وتباين المؤمنين في درجاته. هذا آخر كلام الخطابي.
وقال الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي الشافعي رحمه الله في حديث سؤال جبريل صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام وجوابه قال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام اسماً لما ظهر من الأعمال وجعل الإيمان اسماً لما بطن من الاعتقاد وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان والتصديق بالقلب ليس من الإسلام بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد وجماعها الدين وذلك