وأما القدرية المعتزلة عن الحق فقد افترقت عشرين فرقة كل فرقة منها تكفر سائرها، وهذه أسماء فرقها: الواصلية، والعمروية، والهذلية، والنظامية، والمردارية، والمعمرية، والثمامية، والجاحظية، والخابطية، والحمارية، والخياطية، والشحامية، وأصحاب صالح قبة، والمريسية، والكعبية، والجبائية، والبهشيمة المنسوبة إلى أبي هاشم بن الجبائي، فهي ثنتان وعشرون فرقة، ثنتان منها ليستا من فرق الإسلام، وهما: الخابطية، والحمارية ...
يجمعها كلها في بدعتها أمور؛ منها: نفيها كلها عن الله عز وجل صفاته الأزلية، وقولها بأنه ليس لله عز وجل علم، ولا قدرة، ولا حياة، ولا سمع، ولا بصر، ولا صفة أزلية، وزادوا على هذا بقولهم: إن الله تعالى لم يكن له في الأزل اسم ولا صفة.
ومنها: قولهم باستحالة رؤية الله عز وجل بالأبصار، وزعموا أنه لا يرى نفسه، ولا يراه غيره، واختلفوا فيه: هل هو راءٍ لغيره أم لا؟ فأجازه قوم منهم، وأباه قوم آخرون منهم.
ومنها: اتفاقهم على القول مجدوث كلام الله عز وجل، وحدوث أمره ونهيه وخبره، وكلهم يزعمون أن كلام الله عز وجل حادث، وأكثرهم اليوم يسمون كلامه مخلوقًا.
ومنها: قولهم جميعًا بأن الله تعالى غير خالقٍ لأكساب الناس ولا لشيء من أعمال الحيوانات، وقد زعموا أن الناس هم الذين يقدرون على أكسابهم، وأنه ليس لله عز وجل في أكسابهم ولا في أعمال سائر الحيوانات صنع وتقدير ولأجل هذا القول سماهم المسلمون قدرية.
ومنها: اتفاقهم على دعواهم في الفاسق من أمة الإسلام بالمنزلة بين المنزلتين، وهي أنه فاسق، لا مؤمن ولا كافر، ولأجل هذا سماهم المسلمون "معتزلة" لاعتزالهم قول الأمة بأسرها.
ومنها: قولهم إن كل ما لم يأمر الله تعالى به أو نهى عنه من أعمال العباد لم يشأ الله شيئًا منها. ا. هـ.