للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المقدمة]

لم تزل في الإنسان عوالم مجهولة، ولم تزل تستكشف في الإنسان خواص وخصائص، ولم يزل الإنسان يستكشف من دقائق أسرار الكون ما يقرب إليه فهم الكثير من المغيبات، فتأثير الإشعاعات المختلفة على الجسم البشري مثلًا يقرب إلينا فكرة أن يكون لبعض أعين الناس خاصية التأثير في إنسان آخر أو في شيء ما، وهذا كلام تقوله لتقريب فكرة الإصابة بالعين التي أثبتها الشارع، إنه من خلال استقراء لحوادث كثيرة نجد أن إنسانًا ما تعرض لنوع من الضرر أو المرض بسبب رؤية من إنسان رافقتها كلمة أو لم ترافقها وهذا الموضوع أثبته الشارع وتكلم عنه وفيه جانب غيبي، ولذلك رأينا الحديث عنه وإثباته في هذا الباب، ونحن وإن كنا قد حاولنا في ما مر أنفًا أن تقرب موضع الإصابة بالعين إلى الأذهان بما ذكرناه، إلا أن أصل الموضوع لا يبحث هكذا في العادة، فالله عز وجل إذا أراد أن يصيب إنسانًا بإصابة، أصابه بها عن طريق عالم الأسباب أو بشكل مباشر، وقد جعل الله عز وجل جزءًا من عالم الأسباب أن يصيب أناسًا بأعين ناس، وجعل لهذا النوع من الإصابات وقاية كي لا يقع وعلاجًا إن وقع.

وبعض نصوص هذا الفصل تتحدث عن هذه الشؤون. والإنسان إذا وقع في مأزق يفر في العادة فرارين، فرارًا إلى الله بالدعاء، وفرارًا إلى عالم الأسباب بأخذ بها، فمثلًا إذا مرض المريض دعا وبحث عن العلاج، واجتماع هذين الفرارين مباح للمسلم بل مطلوب منه، ومن ههنا نجد أن الإسلام حض على الوقاية كما حض على التداوي وأذن مع التداوي بالرقية وهي نوع دعاء من الأخ لأخيه أو من الإنسان لنفسه أو هي طلب استشفاء أو شفاء من الله تعالى لنفس الإنسان أو لأخيه.

ومن ههنا وجدت نصوص في الرقية وإذا كان للرقية دخل في أمر الغيب لأنها طلب فاء من الله مباشرة فقد أدخلناها في أبحاث هذا الفصل، وقد ذهب بعض العلماء إلى جواز حمل نوع من المكتوبات يعلقها الإنسان على نفسه وعلى أهله، ليحرزهم من شر وهي ما يسمى بالتمائم، والذين أجازوهم بشروط من مثل أن تكون مفهومة وأن لا يكون فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>