لقد حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه عن قائد كل فتنة يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدًا كما ورد عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: والله ما أدري أنسي أصحابي أم تناسوا؟ والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى انقضاء الدنيا، يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدًا، إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه واسم قبيلته (١).
فدل ذلك على أن التعرف على أئمة الضلال مما ينبغي أن يعرفه المسلم، وأن التعريف على أئمة الضلالة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم كان قسم كبير من هذا الوصل في هذا الشأن.
* * *
الفرق التي خرجت عن الاعتقاد الحق على أنواع، فمنها: ما خرج من الإسلام بالكلية وإن كانت أصوله إسلامية وادعى أنه يبني على فهمٍ لنصوصٍ، وهل مثل هذه الفرق داخلة في الفرق الثنتين والسبعين أو لا؟ الراجح أنه داخلة بها قياسًا على فرق اليهود والنصارى، وبعض الفرق لم يصل إلى حد الكفر المطلق، وإنما هم ضلال مبتدعون، وبعضهم أكثر ضلالاً من بعضهم الآخر، وبعضهم تعتبر بدعته خفيفة وبعضهم تعتبر بدعته شديدة، وأفظع أنواع الابتداع ابتداع الاعتقاد، أما بدع الأعمال فهذه على أنواع، فمنها: ما يكره، ومنها: ما يحرم، ومنها: ما يجوز. والعبرة فيها للفتوى من أهلها.
* * *
وهناك فرق بدأ ضلالها من غلو في فكرة صحيحة في الأصل ثم تشعبت من هذه الفرق
(١) أبو داود (٤/ ٩٥). كتاب الفتن والملاحم، باب ذكر الفتن ودلائلها. وإسناده صحيح.