للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرق أشد غلوًا، وهكذا من غلو أخف إلى غلو أشد وصلت بعض التوجهات إلى مداها المكفر، فحب آل البيت ابتداء شيء مطلوب شرعًا، واعتقاد أن عليًا هو خليفة راشد وأن الحق والصواب كانا معه مدة خلافته، كل هذه أفكار صحيحة، فإذا قال قائل بعد ذلك: إنه الأحق بالخلافة من الأئمة الثلاثة الذين كانوا قبله مع التسليم بخلافتهم فهذه بدعة خفيفة مع أنها تخالف ما التقى عليه الصحابة، فإذا ما رفض آخرون أن يسلموا بإمامة الشيوخ الثلاثة فقد دخلوا في بدعة ضلالة، فإذا كفروا الأئمة الثلاثة فقد وصلوا إلى الكفر كما ذكر الشيخ عبد القاهر البغدادي: "فإذا ما غلوا بعلي وآل بيته حتى أعطوهم صفة الألوهية فذلك إيغال في الكفر، فإذا ما اجتمع إلى هذا آراء كفرية أخرى كالقول بالتناسخ وأن للقرآن باطنًا يخالف الظاهر، وأن الباطن يستقل بفهمه الإمام، فإذا بلغهم عمن يدعي الإمامة ما ينقض الشريعة تابعوه فذلك كفر على كفر وظلمات بعضها فوق بعض".

وكثيرًا ما حدث في تاريخ الفرق أن غلوًا خفيفًا أوصل إلى غلو غليظ، وأحيانًا يحدث العكس غلو شديد يعدل إلى غلو أخف، فالمعتزلة مثلا عدلوا القول بنفي القدر بالجملة، وعلى كل فإنه تتولد عن فرقة أم فرق مختلفة، ومن الفرق التي لها وجود فعلي في الأمة: الشيعة الإثنا عشرية، والإسماعيليون، والدروز، والنصيرية، والجارودية، واليزيدية عباد الشيطان، فلهم بقية في سورية والعراق، والمعتزلة فلم تزل بعض عقائدهم تتسلل إلى كثير من الناس، والقاديانية، والبهائية، والقائلون بإسقاط التكليف، والمشبهة، والقائلون بوحدة الوجود، والعلمانيون القائلون بفصل الدين عن الدولة وهم المرتدون الذين يشكلون تيارًا عريضًا.

* * *

أما أحكام الفرق الثنتين والسبعين فتختلف من فرقة إلى فرقة، فبعض الفرق الثنتين والسبعين لهم أحكام المسلمين الدنيوية كاملة، وبعض أهل هذه الفرق لهم بعض أحكام المسلمين الدنيوية لا كلها، وبعض هذه الفرق ليس لها أحكام المسلمين أصلاً بل ولا أحكام أهل الكتاب لأنهم مرتدون أو استمرار للمرتدين، فلهم بذلك أحكام خاصة لأنهم ورثوا الردة، فهؤلاء المرتدون ومن تابعهم على ردتهم لا يجوز تزويجهم ولا التزوج منهم ولا أكل

<<  <  ج: ص:  >  >>