- القدر هو سرُّ الأسرار في العقيدة الإسلامية، ولذلك فإن من المستحسن عرضه من خلال النصوص فذلك أقرب إلى الإيمان والفهم والتسليم، وإنما كان سر الأسرار لارتباطه بصفات الذات الإلهية وارتباطه بمقام العبودية وارتباطه بتقرير فكرتي الكسب والاختيار مع التسليم أن كل شيء فِعْلُ الله وارتباطه بمعانٍ كبيرة أخرى.
- القدرية المذمومون عند أهل السنة والجماعة قدريتان: أولى؛ انقرضت قبل انتهاء القرن الثاني الهجري وهي التي تنفي القدر وتقول:(إن الله لم يقدر الأمور أزلاً وإن الله يستأنف الأمر علماً حال وقوعه) وهؤلاء كفار قطعاً، والقدرية الثانية؛ هم المعتزلة الذين ينسبون أفعال العباد إلى قدراتهم وهؤلاء مبتدعة إذا لم يجتمع لهم مع البدعة مُكَفَّر، قال صاحب الخريدة:
ومن يقل بالقوة المودعة ... فذاك بدعي فلا تلتفت
هناك إيمان بالقضاء والقدر وتسليم لله فيها وأن كل ما قضاه وقدره ففيه الحكمة جل جلاله، وهناك المقضي والمقدر على الإنسان، ومن هذا المعصيةُ، والواجب فيها: التوبة على أصحابها والإنكار من غيرهم. ومنه الطاعة، والواجب فيها من أهلها: الشكر عليها. ومنه الابتلاءات فالواجب فيها: الصبر والرضا عن الله والتسليم له. ومنه الإنعام بصنوف النعم، فواجب العبد فيها: الشكر.
الإيمان بالقضاء والقدر لا ينفي الاختيار؛ ولذلك لا يجوز للعبد أن يحتج بالقدر قبل الوقوع توصلاً إليه، كأن يقول:(قدر الله عليَّ الزنا) وغرضه الوقوع فيه أو الاحتجاج به بعد الوقوع تخلصّا من الحد.
والإيمان بالقضاء والقدر جزء من التكليف، والعبد مطالب بالإيمان بالقضاء والقدر، ومطالب بالعمل، وحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حجة في ذلك، ومن ربط بين الإيمان والقدر والخمول وترك العمل فقد ضَلَّ وأضَل.
آثار الإيمان بالقضاء والقدر محمودة كلها، فمن آثاره الشجاعة والجرأة والإقدام والصبر والتسليم والرضا من الله والتوكل وإنما يؤتى الجاهل من قِبَلِ جَهْلِهِ.