للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المقدمة]

في الإسلام تنبثق الفروع عن أصول، والأصول نفسها ترجع إلى أصول أجمع وأكثر كلية، وهكذا فمرجع الإسلام كله إلى الشهادتين، فالشهدتان تنطوي فيهما أركان الإيمان وعنهما ينبثق الإسلام، ويمكن أن نرجع الإسلام والإيمان إلى الإيمان بالله واليوم الآخر، فمن عرف الله عرف أنه عادل، ومن تمام عدله أن يكون هناك يوم آخر، ومن تمام عدله ألا يحاسب ويعاقب إلا على شيء قد تقدم به إلى الناس، ومن ههنا يأتي الوحي والرسالة، والوحي والرسالة تتنزل بها الملائكة.

وهكذا نجد أن فروع الإسلام ترجع في النهاية إلى أصول قليلة، ولكن ينبثق عن هذه الأصول ما لا يعد من فروع وشعب للفروع.

والتركيز على الإيمان بالله واليوم الآخر هو باب الإيمان والتقوى والإحسان والشكر والعمل، فهذان الركنان هما محل التركيز المستمر في هدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولذلك كان الحديث عنهما في الكتاب والسنة كثيراً، بينما قل الحديث عنهما في كلام الناس في عصرنا مما ينبغي أن يتلافى.

إنه عن الإيمان بالله واليوم الآخر ينبثق الإخلاص والتوكل والزهد والمحبة والصدق، كما أن الإيمان باليوم الآخر يستدعي المحاسبة والتأمل والتفكر والاعتبار والخوف والرجاء.

وعن الغفلة عن الله واليوم الآخر يتفرع الخبث كله من كفر ومعصية وخيانة وحسد وعجب وكبر ورياء.

إنك إذا تأملت القرآن الحكيم فإنك لا تجد صفحات إلا وفيها حديث عن الله عز وجل أو عن اليوم الآخر أو عن الله واليوم الآخر، وعندما ندرس نصوص السنة نجد كثرة النصوص المترتبطة بهذا أو بهذا؛ لأن ذلك هو محور الرسالة، قال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (١).


(١) العنكبوت: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>