للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المقدمة]

رأينا أن الأمة الإسلامية ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، ومن ههنا فإن أهل الإيمان عليهم أن يحذروا من متابعة فرقة من فرق الضلال، أو أن يواطؤوها في فكرة من أفكارها الخاطئة، ومن ههنا اشتد كثير من الأئمة على بعض أهل السنة والجماعة بسبب تخوفهم من فكرة خاطئة سرت إليه أو يمكن أن تسري إليه.

ومع وجوب الحذر من متابعة أهل الأهوءامن الفرق الضالة فهناك الفتن التي تعصف في الأمة مما لا يستبان وجه الحق فيها فهذه كذلك يجب على المسلم أن يحذرها.

ومن ههنا فإن على المسلم أن يحذر:

من متابعة أهل الهوى، ومن المشاركة في فتنة يستعمل فيها السلاح أو اللسان دون أن يكون متبيِّناً وجه الحكم الشرعي، أما إذا استبان له وجه الحكم الشرعي فعندئذٍ يقدم ولو كان ذلك قتالاً، وعلى مثل هذا يحمل إقدام الصحابة على القتال في الفتنة: بين علي من جهة، وبين عائشة وطلحة والزبير ثم معاوية من جهتين أخريين.

والفتنة في اصطلاح الشارع أوسع مدى مما ذكرناه، فهي على أنواع، وكل واحدة منها ينبغي أن يكون للمسلم موقف منها. فكلمة الفتنة في اصطلاح الشارع تطلق على الصراعات الداخلية غير المبصرة بين المسلمين، كما تطلق على نشر الآراء الشاذة، وتطلق على الاضطهاد الذي يسلطه الكافرون أو الظالمون على المؤمنين، كما تطلق على الفوضى وعلى الخوض بلا تبين في المعارك السياسية والعصبيات والهجوم والتهجم بسببها، وتطلق الفتنة على ما يفتن الإنسان في دينه من مال أو جاه أو خواطر باطنة أو اتجاهات باطلة، ويدخل في اسم الفتنة التحريش بين الناس، والتفريق بين المتحابين.

وكل أنواع الفتن ينبغي أن يحذرها المسلم، وأن يكون له موقفه من كل واحدة منها.

فالمسلم مطالب في الصراعات الداخلية بين المسلمين أن يتبين، وفي الآراء الشاذة أن يرفضها وان يتمسك بقول أهل الحق، والأصل أن يدعو المسلم إلى الله ولا يطالب أن يعرض

<<  <  ج: ص:  >  >>