للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفقرة الحادية عشر

{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ}

في تاريخ العالم ظهرت ممالك ودول وإمارات وظهر ملوك ورؤساء وأمراء، وكل ذلك يخلقه جل جلاله بعلمه وإرادته وقدرته وكل ما خلقه الله عز وجل إنما خلقه ليتعرف المكلفون على مملكته وأسمائه، فمن خلال معرفة الحكم والملك تعرف أسمي الله: الحكم والملك، ومن خلال سعة الكون تعرف عظمة الله وتعرف أسم الله: العظيم، ولكن مهما تأمل الإنسان وتفكر فإنه لا يقدر الله حق قدره، قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (١)، وقال تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} (٢). أنظر إلى اسم الملك وتدبر ما مر معنا في هذا القسم فهل تقدر هذا الاسم حق قدره؟.

أنظر إلى سعة هذا الكون وما فيه من مخلوقات غيبية وحسية تعرف سعة مملكته وهو قادر على أن يخلق ما لا يتناهى من أمثالها وغير أمثالها، ثم أنظر إلى انتظام مملكته وحسن تقديره وبديع صنعه ولطيف حكمته وجميل إحسانه، ثم أنظر إلى أن كل ما قضاه أن يكون مسجلًا في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ، وإن كل ما يجري لا يخرج عما سجله القلم، وأنت ترى عجز الملوك والحكام عن التخطيط الشامل، وترى عجزهم عند تنفيذ كل ما سطروه، ثم أنظر إلى ترتيبات شيءون الملائكة لتعرف أي جند جنده، ثم أنظر إلى اصطفاء الرسل وإنزال الشرائع لتعرف أي كمال في رسله ورسالاته، ثم أنظر إلى قهره في الدنيا وإمداده لتعرف انتقامه وحلمه، ثم تأمل أي سجن أعده للمخالفين عن أمره: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} (٣). وتأمل مكافأة أوليائه بالجنة، ثم تأمل كيف يقيم الحجة على خلقه بالإشهاد والكتابة والحساب لتعرف عدله، ثم تأمل هول الموقف إذ يقف الناس صافين أقدامهم رافعي رؤوسهم غاية الاستعداد والخوف، وكيف تأتي الملائكة صفًا صفًا وكيف تحف الملائكة بالعرش لتعرف أي جلال جلاله. ثم أنظر إلى قبول شفاعة الشفعاء لتعرف أي إكرام إكرامه.


(١) الأنعام: ٩١.
(٢) طه: ١١٠.
(٣) الإسراء: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>