الكتاب والسنة أصلاً الإسلام والإيمان، فهما ركن من أركان الإيمان، فمن كفر بالكتاب أو بالسنة فقد كفر بالإسلام كله، فعلى كل مسلم أن يؤمن بالكتاب والسنة وأن يعظمهما ويجلهما ويخدمهما، قال تعالى:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}(١) فإذا كان هذا شأن تعظيم الشعائر فكيف بكلام الله؟ فكيف بوحي الله؟
كما أنه يفترض على كل مسلم أن يعتقد وجوب التزام الكتاب والسنة، ومن لم ير ذلك فهو كافر، ولكن السنة منها المتواتر ومنها ما سوى ذلك، ومنها ما هو قطعي الثبوت وما هو ظني الثبوت، ومنها ما هو قطعي الدلالة ظني الثبوت، وظني الدلالة قطعي الثبوت، وظني الثبوت ظني الدلالة، والقرآن كله قطعي الثبوت، ولكن منه ما هو قطعي الدلالة، ومنه ما هو ظني الدلالة، فالحكم بالكفر إنما هو على من أنكر وجوب الالتزام بالكتاب أو السنة أصلاً، ومن أنكر ما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة، ثم بعد ذلك توجد تفصيلات ولذلك تقول: إن تفصيل مدلول الالتزام بالكتاب والسنة بالنسبة لكل نص على حدة منوط بتفسير أهل الحق من أئمة الاجتهاد وأئمة العقائد وأئمة التفسير والسنة، فهم الذين أعطوا هذا المعنى مضمونه التفصيلي، ومن تكلم في هذا الشأن من غيرهم أو مخالفاً لاجتهاداتهم فإنه يَسِف أو يَضِل أو يُخطئ على حسب نوع الكلام الذي يقوله وحكمهم عليه.
وقد توزعت أقوال الأئمة المرتبطة بموضوع الالتزام بالكتاب والسنة في كتب العقائد والفقه وأصول الفقه وأصول علم التفسير وأصول علم الحديث، والعالِم المحيط بهذه العلوم هو الذي يدرك تفصيلات المراد بالتزامٍ بالكتاب والسنة، فالالتزام بالكتاب والسنة يعني الالتزام بالإجماع والقياس والعرف الصالح والمصالح المرسلة والاستحسان والاستصحاب، وهناك قواعد تضبط الفهم وتضبط كيفية استنباط الحكم، وهناك قواعد للترجيح بين الأدلة، وهذا وغيره من كلام الأئمة كله تفصيل دقيق للمراد بالتزام الكتاب والسنة.