١ - لقد كُتبتْ الكتب الكثيرة في المكفرات وفي موجبات الردة، وندر أن يوجد كتاب فقهي جامع إلا وفيه كلام طويل عن الردة وأحكامها وما يؤدي إلى الردة، وذكرنا في كتابنا:"الإسلام" حوالي عشرين ناقضاً من نواقض الشهادتين، وقد اشتطَّ ناسٌ في موضوع التكفير حتى تجاوزوا الحدود العلمية والفقهية في هذا الشأن، فاقتضى ذلك تنبيهاً؛ لأن المسارعة إلى التكفير ليست خلق أهل السنة والجماعة، فأهل السنة والجماعة لا يكفرون إلا بما يوجب التكفير قطعاً، فالهجوم على التكفير خطر، إلا فيما كان واضحاً وضوح الشمس لا يحتمل تأويلاً أو ما حكم فيه أهل الفتوى أنه ردة.
ولما كان الإيمان التصديق بجميع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بدليل قاطع، كان الكفر نقيض الإيمان، فالكفر إذن هو عدم التصديق ولو بشيء مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ووصل إلينا بطريق يقيني.
قال الرازي في تفسيره:(الكفر عدم تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم بشيء مما علم بالضرورة مجيئه).
٢ - نواقض الشهادتين على أنواع، فمنها الاعتقادي ومنها الفعلي ومنها القولي.
فمن النواقض الاعتقادية مما يدخل في باب الألوهيات: إنكار الخالق سبحانه وتعالى، وإنكار صفة من صفات الكمال، أو وصفه بما هو منزه عنه؛ كوصفه بأنه ثالث ثلاثة، أو أنه جسد، أو أنه غير محيط علماً بكل شيء، أو وصفه بأن له ولداً أو صاحبةً، وشريكاً أو معاوناً، أو وصفه بصفة من صفات النقص كالجهل والعجز والتعب، تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
ومن النواقض الاعتقادية فيما يتصل بالنبؤات: إنكار الأنبياء الذين ورد الخبر القاطع بالإعلام بهم أو إنكار أحدهم، أو إنكار عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم النبيين.