للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المقدمة]

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (١)، فمن بلغه الإسلام من أهل الأديان وغيرهم فقد تحتم عليهم أن يدخلوا فيه، ومن لم يدخل في الإسلام فهو الكافر الأصلي، وأما من دخل في الإسلام في الظاهر ولم يسلم قلبه فهو المنافق وهو من شر أنوع الكفار: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (٢) أما من دخل في الإسلام ثم أتى بناقض من نواقض الشهادتين فهو المرتد، وحكمه أن عليه أن يتوب مما أتاه، وإلا فإنه يستحق القتل.

ونواقض الشهادتين منها القولي، ومنها النظري، ومنها الفعلي؛ فالقولي كأني تبرأ من الإسلام، أو يذكر أنه كافر، أو يسب الإسلام أو القرآن. والنظري مثل أن يستحل محرماً قطعياً، أو ينفي المعلوم من الدين بالضرورة. والفعلي كأن يسجد لصنم، أو يصلي صلاة الكافرين، أو يلقي القرآن في نجاسة.

ويعطي بعض المرتدين فرصة فيناقشون حتى تقوم عليهم الحجة، وبالتالي يعطون فرصة التوبة والأوبة ويُعفى عنهم، إلا إذا شاء ولي الأمر تعزيرهم، ولكن هناك صوراً لها أحكامها الخاصة، كأن تتكرر منها الردة، أو تكون ردته من نوع خاص أو يجتمع مع الردة حق آخر كأن سبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا ليس أمامه إلا القتل.

وعلى كل الأحوال فقد رتب الشارع أحكاماً بالنسبة للكفار الأصليين، وبالنسبة للمنافقين، وبالنسبة للمرتدين، فالمرتد يستحق القتل إن لم يتب، ويفرق بينه وبين زوجته، ولا تحل ذبيحته ولا إنكاحه.

وهناك قضايا محل إجماع بين أهل العلم، وهناك قضايا محل اختلاف، وقضية الردة من أعقد قضايا العصر، فهناك الآن ذراري المرتدين الذين ارتد آباؤهم وهم على مذاهب هؤلاء الآباء، فهؤلاء لهم أحكام خاصة، وهناك المرتدون بسبب وجهات نظر سياسية،


(١) سبأ: ٢٨.
(٢) النساء: ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>