للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهناك المرتدون بسبب وجهات نظر فلسفية، والإسلام الآن ضعيف، والعمل الإسلامي الدعوي البحت لا يشكل عليه أمر التعامل مع هؤلاء جميعاً، ولكن إذا وصلنا إلى العمل السياسي من خلال السلطة أو من خارجها فالأمر يصبح في غاية التعقيد، ولذلك فإن للفتوى من أهلها محلاً في بعض الصور.

ومن تتبع نصوص الكتاب والسنة وجد الكثير مما له علاقة بنواقض الشهادتين، ومن تتبع كلام العلماء في أبحاث الردة أو في الكتب المؤلفة خاصة في هذا الموضوع وجد مئات المسائل، لأن الجهلة في كل زمان ومكان يغلب على بعضهم تصورات أو تصرفات أو أقوال أو أفعال هي من قبيل الردة التي تنقض الشهادتين ولكل جيل في قطر مسائله، فإذا جمعت مسائل الأقطار والأجيال والأزمان وجدت الكثير من هذه النواقض، ولعصرنا خصوصياته التي اختص بها لذلك كان الأمر في غاية الخطورة، فعلى كل مسلم أن يحرر نفسه وأن يحاسبها على كلماته وتصرفاته وأفعاله، وكان بعض شيوخنا كثيراً ما يستشهدنا على تجديد نكاحه بعد أن يأخذ وكالة من زوجته خشية أن يكون قد خرج على لسانه أو تصرف تصرفاً وهو لم يشعر بخطورته، ويكفي أن نتملى الحديث الشريف الصحيح لنزيد في مراقبة أنفسنا ومحاسبتها: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالاً يهوي بها في نار جهنم سبعين خريفاً" (١).

فأول ما يدخل في هذا الحديث مثل هذه المعاني التي نتحدث عنها، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} (٢) وقال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (٣) وقال تعالى {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (٤).


(١) البخاري (١١/ ٢٠٨) -٨١ - كتاب الرقاق -٢٣ - باب حفظ اللسان. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت.
مسلم (٤/ ٢٢٩٠) -٥٣ - كتاب الزهد والرقائق -٦ - باب التكلم بالكلمة يهوي بها في النار.
الترمذي (٤/ ٥٥٧) -٣٧ - كتاب الزهد -١٠ - باب فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس.
(٢) آل عمران: ٩٠.
(٣) الصف: ٥.
(٤) البقرة: ٢٦، ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>