للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المقدمة]

لقد اختلف أئمة أهل السنة والجماعة في كثير من المسائل ومن قبلهم اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في كثير من الاجتهادات، بل إن بعضهم كان يجتهد في القضية الواحدة ثم يغير رأيه، وهذا كله لا خطر فيه، لأ، هـ اجتهاد حيث يحتمل الاجتهاد، واختلاف حيث تحتمل النصوص اختلافاً في الفهم، أو أنه اختلاف حيث تسكت النصوص، فهذا النوع من الاختلاف في الفروع إذا كان من أهله فالعذر فيه واضح ولا يؤثر على أصل العقيدة، فالاختلاف في الأصول هو الذي يدخل صاحبه في دائرة المذموم، أما الاختلاف في الفروع من أهله فذلك موجود في هذه الأمة.

وعلى هذا نحمل الكلمة المشهورة: (نجتمع على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)، وإنما اشترطنا في الاختلاف ليكون محموداً أن يكون من أهله أي مجتهدي أهل السنة والجماعة لأنهم هم الذين يعرفون الأصول التي لا تجوز مخالفتها ويعرفون الإجماع الذي لا تجوز مخالفته، ويعرفون أن يحملوا النصوص على محاملها الصحيحة ويعرفون روح الشريعة وأسرارها، فيضعون كل شيء في محله، فهؤلاء لهم حق الاجتهاد إذا توافرت شروطه فيهم، وهم في اختلافهم معذورون، ومن أخذ بفتوى واحد منهم أو بفتوى من يحسن استنباطط الفتوى على مذاهبهم فلا عليه من حرج، أما من اجتهد ولم تتوافر فيه شروط الاجتهاد فهو إمام ضلالة ولا تجوز متابعته فيما شذ فيه عن أقوال المجتهدين وأئمة الفتوى، فليس هو معذوراً في خلافه واختلافه، وليس من تابعه معذوراً في الخلاف والاختلاف.

وههنا تأتي مسألة التقليد المباح أو الواجب أو المحرم: فالأصل الأصيل أن التقليد في الحياة البشرية له محله، فهذا الذي أخذ الدواء ولا يعرف عنه إلا أنه وصفة طبيب، فإنه

<<  <  ج: ص:  >  >>