للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مقلد، والطبيب نفسه مقلِّد لشركات الدواء، والمزارع مقلد في كثير من الأمور، وهكذا قُل في أشياء كثيرة. فإذا أتينا إلى الشريعة، فالشريعة مبناها على النصوص، والنصوص مبناها على النقل، والنقل مبناه على الرجال، وكثيرون من الذين يشتغلون في الحديث يقلدون في الحكم على الرجال غيرهم من أئمة الجرح والتعديل، فمن ههنا نعرف أن ما يحاربه بعض المتشددين من أهل الحديث من تقليد الرجال هم أول الواقعين فيه، ولا ننكر عليهم ذلك، بل نُنْكِرُ عليهم أن يُنكروا على من قلد أئمة الاجتهاد.

فتقليد أئمة الاجتهاد في المسائل الفقهية شيء عادي، فما كل إنسان يحسن استخراج الحكم الشرعي في كثير من الأحوال، ولذلك فإن علماءنا اعتبروا التقليد في الأصول مذموماً واعتبروه في المسائل المشتبهة التي أشار إليها الحديث الصحيح: "وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس" واعتبروا التقليد في مثل هذا واجباً، فهذا تقليد محمودٌ، ولقد كتبنا كتابنا (جولات في الفقهين الكبير والأكبر) مناقشين فيه أهل التشدد في هذه الشؤون لأنهم يخالفون البدهيات، فليس كل مسلم مجتهداً، وللاجتهاد شروطه، وهم يتصدون للاجتهاد وليسوا مؤهلين له، فلو قلدهم مقلد لم ينكروا عليه، وإذا قلد أئمة الاجتهاد المعتبرين خطّأوه أو ضللوه، مع أن أئمة الاجتهاد لم يحرموا حلالاً ولم يحللوا حراماً، وإنما بحثوا في المشتبهات ليعطوا حصيلة اجتهادهم على ضوء النصوص، ولترصيع هذا الفصل ببعض الآثار والنصوص التي لها علاقة فيه نذكر الروايات التالية:

<<  <  ج: ص:  >  >>