أما وثنية العرب فقد وصفها الأستاذ الندوي في كتابه (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) وكان من كلامه:
"وهكذا انغمست الأمة في الوثنية وعبادة الأصنام بأبشع أشكالها، فكان لكل قبيلة أو ناحية أو مدينة صنم خاص، بل كان لكل بيت صنم خصوصي. قال الكلبي: كان لأهل كل دار من مكة صنم في دارهم يعبدونه، فإذا أراد أحدهم السفر كان آخر ما يصنع في منزله أن يتمسح به. وإذا قدم من سفر كان أول ما يصنع إذا دخل منزله أن يتمسح به أيضاً. واستُهْتِرَت العرب في عبادة الأصنام، فمنهم من اتخذ بيتاً، ومنهم من اتخذ صنماً، ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت نصب حجراً أمام الحرم، وأمام غيره، مما استحسن، ثم طاف به كطوافه بالبيت وسموها الأنصاب. وكان في جوف الكعبة- البيت الذي بني لعبادة الله وحده- وفي فنائها ثلاثمائة وستون صنماً، وتدرجوا من عبادة الأصنام والأوثان إلى عبادة جنس الحجارة.
روى البخاري عن أبي رجاء العطاردي قال: كنا نعبد الحجر، فإذا وجدنا حجراً هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجراً، جمعنا حثوة من تراب، ثم جئنا بالشاة فحلبنا عليه ثم طفنا به.
وقال الكلبي: كان الرجل إذا سافر فنزل منزلاً أخذ أربعة أحجار، فنظر إلى أحسنها فاتخذه رباً، وجعل ثلاث أثافي لِقِدَرِهِ، وإذا ارتحل تركه.
وكان للعرب- شأن كل أمة مشركة في كل زمان ومكان .. آلهة شتى من الملائكة والجن والكواكب، فكانوا يعتقدون أن الملائكة بنات الله، فيتخذونهم شفعاء لهم عند الله ويعبدونهم، ويتوسلون بهم عند الله، واتخذوا كذلك من الجن شركاء لله وآمنوا بقدرتهم وتأثيرهم وعبدوهم.
قال الكلبي: كانت بنو مليح من خزاعة يعبدون الجن، وقال صاعد: كانت حِمْيَر تعبد الشمس، وكنانة القمر، وتميم الدبران، ولخم وجذام المشترى، وطين سهيلاً، وقيس