للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشِّعري العبور، وأسد عطارداً" ا. هـ.

هذه بعض مظاهر الوثنية في تاريخ العالم وكثير منها لا زال مستمراً، والإلحاد في عصرنا لا يخرج عن كونه نوعاً من أنواع الوثنية، إذ يخلع الملحدون على الكون كله صفات الألوهية من خلق وإبداع وإحياء وإماتة فتأمل حال الإنسان في وثنيته لتدرك مِنَّة الله على الإنسان في إرساله محمداً صلى الله عليه وسلم بالتوحيد الذي يجعل الإنسان سيد الأكوان ويقيمه عبداً لله وحده، بينما الوثنية تجعل الإنسان عبداً لشجرٍ أو حجرٍ أو قمرٍ أو شمسٍ أو كوكبٍ أو إنسانٍ أو الكون كله.

قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} (١)، إنه شتان بين أن يتوجه الإنسان إلى خالقه الأوحد وإلى المنعم عليه بالعبادة مشاركاً هذا الوجود كله في التوجه إلى الله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} (٢)، وبين ذلك الإنسان الذي يتوجه إلى أنواع من الخلوقات بالعبادة محتاراً في أيها يقدم ولأنها يتقرب، فيالانتكاسة العقل ويالسفاهة الأحلام، إنه من خلال هذا وحده يدرك سر قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (٣). وإننا نلفت نظر بعض المتهوسين الذين لا همَّ لهم إلا أن يرموا أهل الإسلام بالشرك دون مستندٍ قطعي من كتاب أو سنة، فنراهم يفهمون النصوص على غير فهم الراسخين في العلم فيقذفون هذا بنوع من الشرك، ويقذفون هذا بنوع آخر.


(١) الزمر: ٢٩.
(٢) الإسراء: ٤٤.
(٣) الأنبياء: ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>