وقال أبو حامد الغزالي في البسيط: والضابط الشامل المعنوي في ضبط الكبيرة أن كل معصية يقدم المرء عليها من غير استشعار خوف وحذار ندم كالمتهاون بارتكابها والمتجرئ عليه اعتيادًا، فما أشعر بهذا الاستخفاف والتهاون فهو كبيرة وما يحمل على فلتات النفس أو اللسان وفترة مراقبة التقوى ولا ينفك عن تندم يمتزج به تنغيص التلذذ بالمعصية فهذا لا يمنع العدالة وليس هو بكبيرة. وقال الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله في فتاويه: الكبيرة كل ذنب كبر وعظم عظمًا يصح معه أن يطلق عليه اسم الكبير ووصف بكونه عظيمًا على الإطلاق. قال: فهذا حد الكبيرة ثم لها أمارات منها إيجاب الحد ومنها الإيعاد عليها بالعذاب بالنار ونحوها في الكتاب أو السنة ومنها وصف فاعلها بالفسق نصًا ومنها اللعن كلعن الله سبحان من غير منار الأرض ...
قال العلماء رحمهم الله: والإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة، وروي عن عمر وابن عباس وغيرهما رضي الله عنهم: لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار. معناه أن الكبيرة تمحى بالاستغفار، والصغيرة تصير كبيرة بالإصرار. قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام في حد الإصرار: هو أن تتكرر منه الصغيرة تكرارًا يشعر بقلة مبالاته بدينه إشعار ارتكاب الكبيرة بذلك. قال: وكذلك إذا اجتمعت صغائر مختلفة الأنواع بحيث يشعر مجموعها بما يشعر به أصغر الكبائر ا. هـ (١).
وقد حاول سلطان العلماء العز بن عبد السلام أن يعطيك ميزانًا تتعرف من خلاله على الصغائر والكبائر فقال:
إذا أردت معرفة الفرق بين الصغائر والكبائر فاعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها، فإن تقصت عن أقل مفاسد الكبائر -أي المنصوص عليها فهي من