للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المقدمة]

قال تعالى عن الأصنام على لسان إبراهم عليه الصلاة والسلام: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} (١).

جاء هذا النص في سياق كلام إبراهم عليه السلام في القرآن عن الأصنام: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} (٢).

فن المعروف أن نوحاً وإبراهم عليهما السلام بعثا في بلاد ما بين الرافدين دجلة والفرات، وأنهما بعثا وعبادة الأصنام منتشرة، وقول إبراهيم عليه السلام الذي صدرنا به هذا الوصل يشير إلى كثرة من ضل بسبب الأصنام، وذلك أن الإنسان إذا جانب ما توصل إليه العقول والنقول انحصر في خيالاته، وكلما ابتعد عن قضايا العقول والنقول أوصلته خيالاته إلى التمثيل فالتجسيد الرمزي فالوثنية والشرك، لذلك نجد أن الوثنية تسربت إلى كثير من أهل الأديان السماوية فضلاً عن غيرهم، ولذلك نلاحظ أن الإسلام حض المسلم في كثير من النصوص على التسبيح في الصلاة وغيرها لاحتياج القلب البشرى إلى التغذية بالتنزيه بشكل دائم، ولذلك كان للإسلام موقف من التصوير نعرف تفصيلاته في غير هذا المكان.

ولقد حدثتنا نصوص العهد القديم عند اليهود في أكثر من مكان عن تسرب عبادة البعل إلى اليهود، وذكر ذلك القرآن على لسان إلياس عليه السلام: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} (٣)، وكان البعل هو الصنم الذي تنسب إليه مدينة بعلبك في بلاد الشام، ومن بلاد الشام أخذ عمرو بن لحي عبادة الأصنام وأدخلها إلى مكة، ومنها انتشرت في جزيرة العرب.

والديانة البرهمية انقلبت إلى ديانة وثنية، والديانة البوذية انقلبت إلى ديانة وثنية، وغلبت الوثنية في أكثر أدوار التاريخ على بلاد ما بين الرافدين، وغلبت الوثنية وتأليه الإنسان على الديانات المصرية القديمة، وكانت ديانةُ الرومان الذين سيطروا على أكثر العالم


(١) إبراهيم: ٣٦.
(٢) إبراهيم: ٣٥، ٣٦.
(٣) الصافات: ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>