للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد، فيأتون محمدًا صلى الله عليه وسلم "وفي رواية "فيأتوني فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، إلا ترى ما نحن فيه؟ فأنطلق، فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي، ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع راسي، فأقول: أمتي يا رب، أمتي يا رب، أمتي يا رب، فيقال: يا محمد، أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب" ثم قال "والذي نفسي بيده، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة، كما بين مكة وهجر- أو كما بين مكة وب صرى" وفي كتاب البخاري: "كما بين مكة وحمير".

أقول: مر معنا أن رسولنا صلى الله عليه وسلم ثلاث شفاعات كلها تدخل تحت مسمى المقام المحمود سوى شفاعاته الأخرى: شفاعة لفصل الخطاب، وشفاعة لعبور الصراط، وشفاعة لدخول الجنة، وكل هذه الشفاعات تكون بعد أن يلجأ الناس إلى بعض الأنبياء فيحيل كل منهم على آخر حتى يصل الأمر إلى رسولنا عليه الصلاة والسلام، وكثيرًا ما تتشابه النصوص فلا يعرف القارئ أي شفاعة من هذه الشفاعات يراد بنص من نصوص الشفاعة العظمى، ولا يكلف المسلم أن يعرف كيف يحمل كل نص من هذه النصوص على مقام بعينه بل يخشى عليه من الخطأ فيكفيه أن يعرف أصل المسألة مع التسليم والتفويض والجد والتشمير. وبمناسبة هذا الحديث الذي مر معنا نقول: إن العلماء يخشون أن يفهم فاهم من هذا الحديث وامثاله ما يتنافى مع عصمة الأنبياء وهي قضية مجمع عليها عند أهل السنة والجماعة فما يرد من ذكر المعاصي في حق الأنبياء محمول على أنها كانت قبل النبوة قال فرعون لموسى: {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ} (١). أي قتله القبطي فقال موسى عليه السلام {فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} (٢) {فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (٣) أو هي محمولة على أنها من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين، أو أنها محمولة على اجتهاد مأذون لهم فيه فلم


(١) الشعراء: ١١.
(٢) الشعراء: ٢٠.
(٣) الشعراء: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>