للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القلب، أو العقل، أو الجسد، أو النفس، أو الروح، تربية فاشلة، ومن ههنا يكون لهذا البحث أهمية كبرى في العقائد والسلوك.

إن الإنسان جسد وروح قال تعالى: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} (١). نرى ذلك واضحاً عند الموت حيث تفارق الروح الجسد فيتوقف كل شيء، هذه الروح إذا خالطت الجسد تسمى نفساً فقد قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} (٢). فالروح التي تقبض حين الوفاة سماها الله عز وجل نفساً، وتطلق كلمة النفس على أكثر من معنى كما سنرى.

وفي هذا الإنسان المؤلف من الروح والجسد، أو من النفس والجسد، شيئان لهما الأهمية الكبرى هما: العقل، والقلب، فالعقل: هو محل إدراك الخطاب فحيثما وجد كان التكليف، والقلب: هو محل القبول للتكليف، فهو صاحب القرار في القبول والرفض.

والظاهر من التجربة، ومن النصوص، ومن الإحساسات، ومن الأذواق، أن العقل الذي هو محل إدراك الخطاب مقره الدماغ، وأن القلب الذي هو محل القرار في القبول والرفض مقره الصدرن فله تعلق بالقلب الصنوبري الذي يضخ الدم: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (٣)، {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} (٤).

وللدماغ تكليفه: وهو أن يفكر فيربط الأسباب بمسبباتها، ويربط الأدلة بمدلولاتها؛ ليصل إلى الحقيقة، وللقلب تكليفه: وهو أن يقبل الإسلام الذي أوصل إليه العقل، وأن يستنير بنور الإسلام، وللنفس تكاليفها في التزكية {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (٥).

والتكليف في النهاية للإنسان المؤلف من الروح والجسد، فهو المكلف أن يجعل جسمه ونفسه وعقله وقلبه على مقتضى أمر الله عز وجل.

* * *


(١) الحجر: ٢٩.
(٢) الزمر: ٤٢.
(٣) الحج: ٤٦.
(٤) الزمر: ٢٢.
(٥) الشمس: ٧ - ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>