للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد الفتاح أبو غدة في كتاب (التصريح بما تواتر في نزول المسيح عليه السلام):

وظاهر الحديث في رؤية الجنة والنار أنه صلى الله عليه وسلم رآهما رؤية عين، فمن العلماء من حمل ذلك على أن الحجب كشف له صلى الله عليه وسلم دونها، فرآهما على حقيقتهما، ومنهم من حمل ذلك على أنها مثلتا له في الحائط كما ينطبع الصورة في المرآة، فرآي جميع ما فيها. ويشهد لكل من هذين القولين أحاديث ذكرها الحافظ بن حجر في "فتح الباري" ٢: ٤٤٨. وقال القاضي عياض: القول الأول- وهو أنها رؤية عين حقيقة- أولى كما حكاه عن النووي في "شرح صحيح مسلم" ٦: ٢٠٧، وأقره. أ. هـ.

أقول: وجمهور العلماء يذهبون أن الجنة الأن فوق السماء السابعة فهي كالجزء منها، فإذا رآها الرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرها غيره، فذلك دليل على إنها مغيبة، وهذا يجعلنا نستأنس أن السماوات السبع كلها مغيبة عنا.

- وجعل الكرسي سقفا للسماوات السبع: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} (١). وجعل العرش سقفا لهذا العالم: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} (٢). وقد ورد في الحديث: "ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض" (٣).

- وخلق الملائكة والإنس والجن والحيوانات والنباتات والجنة والنار.

- وكما أن الخلق كان بقدرة الله عز وجل ابتداء فإنه يحتاج إلى إمداد الله باستمرار، قال تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} (٤)، ولذلك شبه بعضهم هذا الكون للإمداد الإلهي كنور الكهرباء في احتياجه لإمداد المولد الكهربائي ولله المثل الأعلى، ولذلك فلا محل لتساؤل من يتساءل أنه إذا مات الإنسان والحيوان وتفرقت أجزاؤهما فأصبحت في أجسام أخرى كيف تحشر هذه الأجسام نفسها فذرة الآن غير ذرة اللحظة السابقة واللاحقة، {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} (٥)، ولا محل للتساؤل كيف تعرض الأعمال كلها تعرض الأيام والليالي وكيف تشهد الأرض والأعضاء مع


(١) البقرة: ٢٥٥.
(٢) هود: ٧.
(٣) الحديث رواه ابن جرير، وهو صحيح.
(٤) الإسراء: ٢٠.
(٥) يس: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>