للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- ويطول الوقوف ويفزع الناس إلى الأنبياء ليشفعوا لهم ليبدأ فصل القضاء إما إلى جنة وإما إلى نار فلا يشفع لفصل الخطاب إلا محمد صلى الله عليه وسلم وعندئذ تبدأ مواقف جديدة متعددة، فمن ذلك ما يصفه الله عز وجل بقوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} (١). وتؤمر كل أمة أن تتبع ما كانت تعبد من دون الله، وتميز الأمم عن بعضها بعضًا، ويكون هناك جدال وعتاب ومعاذير وإقامة حجج، ويكون هناك في موقف من المواقف عرض للأمم كلها على النار فتجثوا الأمم كلها باركة على ركبها حول النار، وفي موقف من المواقف تشهد الأنبياء على أممها، وتشهد أمتنا لصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، يكون هناك حوار بين الأتباع والمتبوعين، وفي موقف من المواقف يدعى أئمة الهدى وأئمة الضلالة، فيرجع أئمة الهدى بالبشرى لمن تابعهم، ويرجع أئمة الضلالة ببشارة السوء لمن تابعهم. وفي هذه الأجواء تكون براءة من المتبوعين على الضلال، ويتمنى الأتباع لو أنهم أعيدوا إلى الحياة الدنيا ليتبرأوا ممن اتبعوهم، ثم يطير صحف أعمال العباد فآخذ بيمينه وآخذ بشماله وآخذ وراء ظهره، ويقال إن الآخذين وراء ظهورهم هم أصحاب الشمال أنفسهم، ثم يبدأ الحساب وهو قبل الوزن والميزان.

قال الشيخ الأديب الكيلاني رحمه الله: والحساب حق: أي ثابت بالكتاب والسنة والإجماع وهو توقيف الله الناس على أعمالهم خيرًا كانت أم شرًا، قولًا كان أو فعلًا، بعد أخذهم كتبها، ويشمل الحساب المؤمن والكافر من الإنس والجن، إلا من استثنى الله تعالى منهم اهـ.

والنصوص تدل على أن بعض أهل الجنة لا يحاسبون. ويذهب بعض الناس إلى أن بعض أهل الكفر لا يحاسبون، ولكن الظاهر أن هذا القول مرجوح، لأن إدخال أهل الجنة بدون حساب فضل، أما أهل النار فمن سنة الله عز وجل أن يقيم عليهم الحجج كاملة. قال الشيخ أديب: ولا يشغله سبحانه محاسبة أحد عن أحد بل يحاسب الناس جميعاً معاً، حتى أن كل أحد يرى أنه المحاسب وحده وكيفية الحساب مختلفة، فمنه اليسير والعسير، والسر والجهر، والتوبيخ والفضل والعدل. اهـ.


(١) البقرة: ٢١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>