عجز عن النطق لخلل في لسانه أو لعدم التمكن منه لمعاجلة المنية أو لغير ذلك فإنه يكون مؤمناً، أما إذا أتى بالشهادتين فلا يشترط معهما أن يقول وأنا بريء من كل دين خالف الإسلام إلا إذا كان من الكفار الذين يعتقدون اختصاص رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى العرب فإنه لا يحكم بإسلامه إلا بأن يتبرأ. ومن أصحابنا - أصحاب الشافعي رحمه الله - من شرط أن يتبرأ مطلقاً، وليس بشيء أما إذا اقتصر على قوله لا إله إلا الله ولم يقل محمد رسول الله فالمشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء أنه لا يكون مسلماً ومن أصحابنا من قال يكون مسلماً ويطالب بالشهادة الأخرى فإن أبى جعل مرتداً ويحتج لهذا القول بقوله صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوا ذلك عصموا من دماءهم وأموالهم". وهذا محمول عند الجماهير على قول الشهادتين واستغنى إحداهما عن الأخرى لارتباطهما وشهرتها والله أعلم.
أما إذا أقر بوجوب الصلاة أو الصوم أو غيرهما من أركان الإسلام وهو على خلاف ملته التي كان عليها فهل يجعل بذلك مسلماً؟ فيه وجهان لأصحابنا، فمن جعله مسلماً قال: كل ما يكفر المسلم بإنكاره يصير الكافر بالإقرار به مسلماً وفيه وجهان لأصحابنا: الصحيح منهما أنه يصير مسلماً لوجود الإقرار. وهذا الوجه هو الحق ولا يظهر للآخر وجه وقد بينت ذلك مستقضى في شرح المذهب والله أعلم.
واختلف العلماء من السلف وغيرهم في إطلاق الإنسان قوله أنا مؤمن: فقالت طائفة: لا يقول أنا مؤمن مقتصراً عليه، بل يقول أنا مؤمن إن شاء الله. وحكى هذا الذهب بعض أصحابنا عن أكثر أصحابنا المتكلمين وذهب آخرون إلى جواز الإطلاق وأنه لا يقول إن شاء الله. وهذا هو المختار، وقول أهل التحقيق. وذهب الأوزاعي وغيره إلى جواز الأمرين والكل صحيح باعتبارات مختلفة، فمن أطلق نظر إلى الحال وأحكام الإيمان جارية عليه في الحال، ومن قال إن شاء الله فقالوا فيه: هو إما للتبرك وإما لاعتبار العاقبة وما قدر الله تعالى، فلا يدري أيثبت على الإيمان أم يصرف عنه، والقول بالتخيير جسن صحيح نظراً إلى مأخذ القولين ورفعاً لحقيقة الخلاف.