للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتوبيخًا، والسائل إما الله تعالى، وإما الملائكة، وفي السؤال إشارة إلى أن سر اشتراكهم في الكفر هو التناصر، {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} أي الرؤساء والأتباع أو الكفرة والقرناء {قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} أي بأقوى ما تستطيعون أن تأتونا به من الشبه لتضلونا، فيجيب المتبوعون ما يجيبون به، وفي النص نموذج على حوار متعدد بين أكثر من متكلم.

{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا * وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (١).

قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي محبوسون عند ربهم وذلك يكون في موقف الحساب قبل الوزن والميزان وبعد الشفاعة لفصل الخطاب. {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ} أي يتحاورون وهذا الحوار بين المتبوعين من الأنس من السادة والكبراء وأئمة الضلالة وبين أتباعهم، وقوله تعالى على لسان المستضعفين: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي بل مكركم في الليل والنهار حتى فتنتمونا وأمررتم علينا ضلالكم فأضللتمونا، ومن يشهد في عصرنا سهر الدوائر الكافرة ودأبها على الإضلال يرى ما ذكرته الآية واقعًا حيًا وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا} المراد بذلك ما يقيدون به في النار بعد إذ يدخلونها.

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ * فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} (٢).


(١) سبأ: ٣١ - ٣٣.
(٢) سبأ: ٤٠ - ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>