للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- وأما قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (١) أي غير مقطوع، فليس المراد بالاستثناء نفي الديمومة بل المراد بالاستثناء أن الجنة والنار خالدتان خلود السموات والأرض باستثناء ما حدث للسموات والأرض يوم القيامة فإن ذلك لا يصيبهما وللعلماء اتجاهات أخرى في فهم الآيتين، فمن قطيعات الاعتقاد الإيمان بديمومة الجنة والنار فمن أنكر ذلك وقع في الضلال المبين.

قال ابن كثير وهو يتحدث عن أهل الجنة:

"وثبت أن أول زمرة منهم على صورة القمر ثم الذين يلونهم في البهاء كأضوأ كوكب دري في السناء، وأنهم يجامعون ولا يتناسلون ولا يتوالدون إلا ما يشاؤون. وأنهم لا يموتون ولا ينامون، لكمال حياتهم وكثرة لذاتهم وتوالي نعيمهم ومسراتهم، وكلما ازدادوا خلودًا ازدادوا حسنًا وجمالًا وشبابًا وقوة وكمالًا، وازدادت لهم الجنة حسنًا وبهاء وطيبًا وضياء، وكانوا أرغب شيء فيها وأحرص عليها وكانت عندهم أعز وأغلى وألذ وأحلى، كما قال تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} " (٢). أهـ. (النهاية في الفتن والملاحم).

وقال ابن كثير وهو يتحدث عن أهل النار:

"إذا خرج أهل المعاصي من النار فلم يبق فيها غير الكافرين فلا يموتون ولا يحييون كما قال تعالى: {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى} (٣). فلا خروج لهم منها ولا محيد لهم بل هم خالدون فيها أبدًا وهم الذين حبسهم القرآن وحكم عليهم بالخلود، كما قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} (٤). وقال تعالى في سورة النساء {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ


(١) هود: ١٠٦ - ١٠٨.
(٢) الكهف: ١٠٨.
(٣) الأعلى: ١١ - ١٢.
(٤) الأحزاب: ٦٤، ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>