للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الألقاب التي تطلق على الله تطلق أيضًا على الوصي والإمام بصفتهما ممثلي العقل الكلي. وهذه القاعدة تقول بها جميع الفرق الإسماعيلية الأخرى على اختلاف أسمائها.

ولكن الدروز رغم انشقاقهم عن الإسماعيلية، وأخذهم الكثير من عقائدها، إلا أنهم رفضوا نظرية المثل والممثول التي تقول بها الإسماعيلية، وقرروا أن الحدود العلوية الموجودة في العالم العلوي هي ذاتها الموجودة في العالم السفلي ولا اختلاف بينها. وبما أن الدروز انشقوا عن الإسماعيلية لإظهارهم -الزعم- بألوهية الإمام الإسماعيلي (وهي العقيدة التي حاولت الإسماعيلية إخفاءها خوفًا وتقية)، فقد أعلنوا جوهر هذه العقيدة وهي: أن الله يتخذ على مر العصور والأزمان حجابًا أو صورة ناسوتية يتجلى فيها لخلقه -تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا-، وأن الحجاب الأخير الذي ظهر فيه كان بصورة الحاكم بأمر الله العبيدي، وبذلك أظهروا عقيدة كانت الإسماعيلية تخفيها ولا تعلنها.

وفي الوقت نفسه أخذوا عن الإسماعيلية نظرية العقول السبعة وطبقوها على ظهورات الله بالصورة الناسوتية، وزعموا أن عدد هذه الظهورات كانت سبعًا، آخرها الحاكم.

أما النصيرية، فتعتبر أن الذات الإلهية متشخصة بالمعنى وهو (علي بن أبي طالب) -تعالى الله عن ذلك-، ولكنها في الوقت نفسه لم تتجاهل نظرية الفيض التي قالت بها الإسماعيلية والدروز، فزعمت أن العقل الكلي هو (الميم) أي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن النفس الكلية هي (السين) أي سلمان الفارسي، وهو حسب زعمهم الذي خلق السموات والأرض والأيتام الخمسة كذلك.

وجميع الصفات الإلهية التي وصف الله بها نفسه في القرآن الكريم لا تعترف بها كافة الفرق الباطنية، فهم ينفون نفيًا مطلقًا هذه الصفات، إيجابية كانت أم سلبية، لأنه تعالى -على حسب زعمهم- فوق متناول العقل، والعقل عاجز عن إدراك كنهه، فإثبات هذه الصفات، حسب زعمهم- يعني عدم التوحيد. ولذلك فهم يزعمون أن هذه الصفات تليق فقط بحدوده وخاصة العقل والنفس، باعتبارهما من فيضه ومبدعاته.

وثمة وجه آخر من أوجه الشبه بين هذه الفرق، وهي عقيدة التناسخ، ورغم أن

<<  <  ج: ص:  >  >>