غير أن ضل في التشبيه ونسب إلى الكذب في كثير من رواياته.
ومنهم: الخابطية من القدرية، وهو منسوبون إلى أحمد بن خابط وكان من المعتزلة المنتسبة إلى النظام، ثم إنه شبه عيسى بن مريم بربه، وزعم أنه الإله الثاني، وأنه هو الذي يحاسب الخلق في القيامة.
ومنهم: الكرامية في دعواها أن الله تعالى جسم له وحد ونهاية وأنه محل الحوادث، وأنه مماس لعرشه، وقد بينا تفصيل مقالاتهم قبل هذا بما فيه كفاية. فهؤلاء مشبهة لله تعالى بخلقه في ذاته.
- فأما المشبهة لصفاته بصفات المخلوقين فأصناف:
منهم: الذين شبهوا إرادة الله تعالى بإرادة خلقه، وهذا قول المعتزلة البصرية الذين زعموا أن الله عز وجل يريد مراده بإرادة حادثة، وزعموا أن إرادته من جنس إرادتنا، ثم ناقضوا هذه الدعوى بأن قالوا: يجوز حدوث إرادة الله عز وجل لا في محل، ولا يصح حدوث إرادتنا إلا في محل، وهذا ينقض قولهم: إن إرادته من جنس إرادتنا؛ لأن الشيئين إذا كانا متماثلين ومن جنس واحد جاز على كل واحد منهما ما يجوز على الآخر، واستحال من كل واحد منهما ما يستحيل على الآخر.
وزادت الكرامية على المعتزلة البصرية في تشبيه إرادة الله تعالى بإرادات عباده، وزعموا أن إرادته من جنس إرادتنا، وأنها حادثة فيه كما تحدث أرادتنا فينا، وزعموا - لأجل ذلك - أن الله تعالى محل للحوادث، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
ومنهم: الذين شبهوا كلام الله عز وجل بكلام خلقه، فزعموا أن كلام الله تعالى أصوات وحروف من جنس الأصوات والحروف المنسوبة إلى العباد، وقالوا بحدوث كلامه، وأحال جمهوربهم - سوى الجبائي - بقاء كلام الله تعالى، وقال النظام منهم: ليس في نظم كلام الله سبحانه إعجاز، كما ليس في نظم كلام العباد إعجاز، وزعم أكثر المعتزلة أن الزنج، والترك، والخزر قادرون على الإتيان بمثل نظم القرآن وبما هو أفصح منه، وإنما عدموا العلم بتأليف نظمه، وذلك العلم مما يصح أن يكون مقدوراً لهم.