للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم تكون فتنةٌ، القاعدُ خيرٌ من الماشي فيها، والماشي فيها خيرٌ من الساعي إليها، ألا فإذا نزلت، أو وقعت، فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كان له غنمٌ فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرضٌ فليلحق بأرضه" قال: فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت من لم تكن له إبلٌ ولا غنم ولا أرض؟ قال: "يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينجُ إن استطاع النجاء، اللهم هل بلغتُ؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ " قال: فقال رجل يا رسول الله، أرأيت إن أُكرهتُ حتى يُنطلق بي إلى أحد الصفين، أو إحدى الفتئين، فضربني رجل بسيفه، أو يجيء سهمٌ فيقتلني؟ قال: "يبوء بإثمه وإثمك، ويكونُ من أصحاب النار".

ولفظ أبي داود (١) قال: "إنها ستكون فتنة يكون المضطجعُ فيها خيراً من الجالس، والجالسُ خيراً من القائم، والقائمُ خيراً من الماشي، والماشي خيراً من الساعي" قالوا: يا رسول الله، ما تأمرنا؟ قال: "من كانت له إبلٌ فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه" قال: فمن لم يكن له شيء من ذلك؟ قال: "يعمدُ إلى سيفه، فيضرب بحدِّه على حَرة، ثم لينجُ ما استطاع النجاء".

أقول:

هذا الحديث وأمثاله محمول على ما إذا لم يكن للمسلمين إمام راشد قائم بالحق، أما إذا وجد الإمام الراشد القائم بالحق فالأصل أن يجاهد الإنسان معه وأن يقاتل أهل البغي الخارجين عليه، ومع أن الإمام عليًّا كان خليفة راشداً قائماً بالحق فإن بعض الصحابة وقفوا ضده لعدم تبينهم أنه هو الإمام الحق القائم بالحق، وبعضهم استباح الاعتزال فلم يقاتل أخذاً بظواهر مثل هذه النصوص، لكن بعضهم ندم على عدم قتاله معه بعد أن تبين له أنه على الحق والصواب بعد مقتل عمار من قبل فئة معاوية كما حدث لابن عمر رضي الله عنهما.


(١) أبو داود (٤/ ٩٩) كتاب الفتن والملاحم -باب في النهي عن السعي في الفتنة.
(الحرة): الأرض ذات الحجارة السود، والمراد به هاهنا: نفس الحجر، أي: ضرب حد سيفه بحجر يغل غربه لئلا يقاتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>