للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إن من عرف الله عز وجل وعرف أنه متصف بالعلم والإرادة والقدرة وغير ذلك من الصفات الوجودية، وعرف أنه متصف بالقيومية والوحدانية وغير ذلك من الصفات السلبية، وعرف أنه الرب والمالك والإله، وأن من مقتضيات ذلك أن تكون له المالكية والحاكمية، ومن عرف أنه متصف بالرحمة والعدل والهداية، إن من عرف هذا كله لم يستغرب أن يبعث الله رسلاً يبينون لمن يدركون الخطاب من الخلوقات وهم الإنس والجن الدين الحق والعبادة الحق والشريعة الحق.

وقد جرت سنته جل جلاله أن يرسل الرسل إلى الأمم، وختم رسالاته برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وجعلها عامة للإنس والجن وباقية خالدة، فالإنس والجن مكلفون بها إلى يوم القيامة.

وقد بعث الله رسله جميعاً مطالبين الخلق بالإسلام لله رب العالمين، فذلك هو دينه الذي لا يقبل سواه. وبعد أن طرأ على الرسالات السماوية القديمة ما طرأ، بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالقرآن المعجز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فكان القرآن بياناً لدينه الإسلام الحق مصدقاً لما بين يديه من الحق وناسخاً للباطل، كما أنه ناسخ لكل ما خالفه وحاكم على كل ما عداه، وبيَّن جل جلاله فيه أنه قد أكد هذا الدين وأنه لن يقبل من أحد دينا سواه:

{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (١).

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (٢)، {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (٣)، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (٤).

وكتاب هذا الدين هو القرآن، والشارح المعصوم له هو السنة، فنصوص الكتاب والسنة هي نصوص هذا الدين، وقد جعل الله كتابه: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (٥)، وفصَّل


(١) المائدة: ٣.
(٢) آل عمران: ٨٥.
(٣) الأعراف: ١٥٨.
(٤) الفرقان: ١.
(٥) النحل: ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>