بالدنمارك المتخصص في تاريخ إيران في كتابه (إيران في عهد الساسانيين):
"إن المؤرخين المعاصرين للعهد الساساني مثل (جاتهياس) وغيره يصدقون بوجود عادة زواج الإيرانيين بالمحرمات، ويوجد في تاريخ العهد الساساني أمثلة لهذا الزواج، فقد تزوج بهرام جوبين وتزوج جشتسب قبل أن يتنصر بالمحرمات ولم يكن يعد هذا الزواج معصية عند الإيرانيين، بل كان عملاً صالحاً يتقربون به إلى الله، ولعل الرحالة الصيني (هوئن سوئنج) أشار إلى هذا الزواج بقوله: إن الإيرانيين يتزوجون من غير استثناء".
ظهر "ماني" في القرن الثالث المسيحي، وكان ظهوره رد فعل عنيف غير طبعي ضد النزعة الشهوية السائدة في البلاد، ونتيجة منافسة النور والظلمة الوهمية، فدعا إلى حياة العزوبة لحسم مادة الفساد والشر من العالم، وأعلن أن امتزاج النور بالظلمة شر يجب الخلاص منه، فحرَّم النكاح استعجالاً للفناء وانتصاراً للنور على الظلمة بقطع النسل، وقتله بهرام سنة ٢٧٦ م قائلاً:"إن هذا خرج داعياً إلى تخريب العالم، فالواجب أن يبدأ بتخريب نفسه قبل أن يتهيأ له شيء من مراده. ولكن تعاليمه لم تمت بموته بل عاشت إلى ما بعد الفتح الإسلامي.
ثم ثارت روح الطبيعة الفارسية على تعاليم ماني المجحفة، وتقمصت دعوة مزدك الذي ولد ٤٨٧ م، فأعلن أن الناس ولدوا سواء لا فرق بينهم، فينبغي أن يعيشوا سواء لا فرق بينهم، ولما كان المال والنساء مما حرصت النفوس على حفظه وحراسته كان ذلك عند مزدك أهم ما تجب فيه المساواة والاشتراك، قال الشهرستاني: "أحل النساء وأباح الأموال وجعل الناس شركة فيها كاشتراكهم في الماء والنار والكلأ". وحظيت هذه الدعوة بموافقة الشبان والأغنياء والمترفين وصادفت من قلوبهم هوى، وسعدت كذلك بحماية البلاط، فأخذ قباذ يناصرها ونشط في نشرها وتأييدها، حتى انغمست إيران بتأثيرها في الفوضى الخلقية وطغيان الشهوات، قال الطبري: "افترص السفلة ذلك واغتنموا وكاتفوا مزدك وأصحابه وشايعوهم، فابتلي الناس بهم، وقوي أمرهم حتى كانوا يدخلون على الرجل في داره فيغلبونه على منزله ونسائه وأمواله لا يستطيع الامتناع منهم، وحملوا قباذ على تزيين ذلك وتوعدوه بخلعه، فلم يلبثوا إلا قليلاً حتى صاروا لا يعرف الرجل ولده ولا المولود أباه، ولا يملك شيئاً مما يتسع به" إلى أن قال: "ولم يزل قباذ من خيار ملوكهم، حتى حمله مزدك على ما حمله عليه، فانتشرت الأطراف وفسدات الثغور) أ. هـ.