للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} (١): أي الجائرون.

وهل الكافرون منهم هم الشياطين، أو الشياطين جنس آخر؟ فالجن مخلوقات هوائية والشياطين مخلوقات نارية: قولان للعلماء، والراجح أن الشياطين هم كفرة الجن.

ولا خلاف أن رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الإنس والجن، وأنه بلغ الرسالة للإنس والجن، وقد ذكر القرآن ذلك في أكثر من سورة، ولكن هل كان الرسل قبل محمد عليه الصلاة والسلام يرسلون إلى الإنس والجن حيث أرسلوا، أو أنه قبل محمد عليه الصلاة والسلام كانت ترسل رسل من الجن؟

قولان للعلماء في ذلك؛ فابن عباس وآخرون يرون أنه لم يبعث الله رسولاً من الجن، وقال الضحاك وابن حزم وآخرون: إنه قد ابتعث الله من الجن أنبياء ورسلاً، ويستشهدون على ذلك بقوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا (٢).

* * *

وقد ألف أكثر من كتاب في الجن وأحكامها، منها القديم ومنها الحديث، عدا ما قاله المفسرون وشراح السنة بمناسبة ورود شيء من ذلك في سياقه، عدا ما تذكره كتب العقائد في الحديث عنهم على اعتبار أن الجن جزء من عالم الغيب، والإيمان بوجودهم من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة التي يكفر منكرها، وممن أفرد التآليف عن الجن قديمًا: ابن القيم في كتابه: "لقط المرجان في أحكام الجان". والقاضي بدر الدين الشبلي الحنفي في كتابه: "آكام المرجان في غرائب الأخبار وأحكام الجان". وقد حاول عبد الرزاق نوفل في كتابه عن "الجن والملائكة" أن يستأنس في بحثه ببعض معطيات عصرنا التي تشير إلى عالم الجن والشياطين، فاستأنس بكلام بعض علماء النفس الذين تحدثوا عن الدوافع الخفية التي تدفع الإنسان إلى اتجاهات معينة، وبكلام بعض علماء الطب بمناسبة العلاج الروحي والنفسي لبعض الأمراض، وتكلم عن معطيات أخرى، وربط الشيخ حسن أيوب بين ما


(١) الجن: ١٥.
(٢) الأنعام: ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>