وقد كان الفراعنة أنفسهم يلجأون إلى السحر لمغالبة الأرواح الخفية، فاستعان رمسيس الثاني بأصحاب التمائم والتعاويذ على مداواة أهل بيته، ولم يفعل ذلك جهلاً منه بالطب ولا تعظيمًا منه لقدر السحر، ولكنه فعله إيمانًا بضرورة اختيار الترياق من جنس المرض، ولك شيء آفة من جنسه كما قيل من قبل، ويقال في كل زمان).
ومن كلام العقاد عن الشيطان في الحضارة الهندية:
(ومن ذلك في هذا الباب عقيدتهم في العفاريت الخبيئة أو العابثة التي يسمونها بالـ "راكشا" وينسبون إليها أعمالاً كأعمال الشياطين في الديانات الأخرى ... فالشياطين في صورة "الراكشا" هم "الشر" الذي أبغضه الآريون وصوروه لأبنائهم في الصورة التي تنفرهم منه وتحذرهم من كيده ...
وليس في الديانة الهندية وفروعها المتشعبة شخصية واحدة تشبه شخصية الشيطان. غير الرب الذي يسمونه "المارا" من الموت ...
وهذا الـ "المارا" هو الذي قيل في قصة "بوذا" إنه وسوس له وألح في وسواسه ليشغله عن النسك ويصرفه عن مسلكه من الحكمة وهو مسلك الزهد والاعتدال). اهـ.
- ومن كلام العقاد عن الشيطان في حضارة ما بين النهرين دجلة والفرات وما جاورهما: تحدث عن "الثنوية" التي تفر من باهرمان وهو الروح الخبيث، وتحدث عن "الزرداشيتة" التي تؤمن بـ (يامة) الذي امتلأت نفسه بالخيلاء فسولت له نفسه أن يناظر الإله ... وأن يكاذب نفسه بخيلائه.
- إن قضية الشيطان تعتبر قاسمًا مشتركًا في الثقافة الإنسانية وهي من بقايا الحق الذي تحدث عنه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولما حرفت ديانات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بفعل الجهل والهوى والغلو فلقد كان من جملة ما دخل عليه التحريف قضية الشيطان، ونحن لا يهمنا من الدراسات المقارنة إلا إثبات أن هناك قضيا لها أصولها، وأن القرآن جاءنا بالحق اليقين في الأصول والفروع وأعطانا الحق واليقين والصواب مفصلاً في كل شيء.