وخمسة آلاف وأكثر من الشياطين الأقل درجة منهم .. ولقد كانت الفكرة السائدة والتي ظلت فترة طويلة تبلغ مئات السنين هي المسيطرة على كل وسائل العلاج ... تلك التي كانت تقول بضرب الشيطان لإخراجه من جسد المريض بل وحتى إلى عهد قريب كان الجراح العظيم توماس ويليز من أكبر أطباء التشريح يقرر أن خير علاج لمرضى العقول هو الركل والقيد. ولذلك كان البروفسور كالين ينادي بأن معظم حالات الاضطرابات والتي لا سبب عضوي لها لا تشفى إلا بشدة الوثاق والضرب، وقد نادى الدكتور ريل الألماني والاخصائي في الأمراض العقلية بما يسميه العلاج التعذيبي الذي لا يضر.
ويقول العالم كارنجتون عضو جمعية البحوث النفسية الأمريكية في كتابه "الظواهر الروحية الحديثة" عن حالة المس: (واضح أن حالة المس هي على الأقل حالة واقعية لا يستطيع العلم بعد أن يهمل أمرها ما دامت توجد حقائق كثيرة مدهشة تؤيدها. وما دام الأمر كذلك فإن دراستها أصبحت لازمة وواجبة لا من الوجهة الأكاديمية فقط بل لأن مئات من الناس وألوفًا يعانون كثيرًا في الوقت الحاضر من هذه الحالة ولأن شفاءهم منها يستلزم الفحص السريع والعلاج الفوري. وإذا ما نحن قررنا مكنة المس من الوجهة النظرية انفتح أمامنا مجال فسيح للبحث والتقصي ويتطلب كل ما يتطلبه العلم الحديث والتفكير السيكولوجي من العناية والحذق والجلد).
وفي كتاب "تحليل الحالات غير العادية في علاج العقول المريضة" يقول الدكتور بل: (لدينا الكثير الذي يصح أن نميط عنه اللثام، وعلى الأخص ما كان متعلقًا بحالة المس الروحي باعتباره عاملاً مسببًا للأمراض النفسية والعصبية ولقد ظهر لنا المس الروحي أكثر تعقيدًا مما كان يظن أولا. ولا تتألف الشخصية الماسة من نفس مخلوق غير مجسد من عقله وإرادته فقط بل هما في الواقع شخصية مؤلفة من أشياء كثيرة. والشخصية الماسة المركزية وهي الشخصية التي اصطدمت أولاً بمجمع حواس الشخص الممسوس وهي على وجه العموم قليلة المقاومة لإيحاءات الغير، ومن ثم تصبح هذه الشخصية مطية سهلة لأولئك الذين يرغبون في الاقتراب من أي إنسان بهذه الطريقة التي تبدو كأنها لا شأن لها إلا في الحصول على الترضية الخاصة لمجموع الأرواح الماسة كلها أو بعضها، وبمضي الزمن يزداد التضام في هذه العملية حتى يتم في النهاية تلاشي الشخص الممسوس الذي يعمل إلى مثل هذه الحال