للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَبِيرٍ} (١). فكتاب اجتمعت فيه هذه الخصائص وغيرها مع عجز البشر أن يأتوا بأقصر سورة من سوره أو ثلاث آيات من آياته ففيه دليل أنه من الله عز وجل.

- إنك عندما تنظر إلى القرآن ككل تجده مدهشا بما اجتمع فيه من تناسق وتوافق وتكامل وبما فيه من كل في الأسلوب والفصاحة والمعاني: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (٢).

- والقرآن فيه إعجاز ومعجزات، فإعجازه قدر مشترك فيه، وذلك وحده معجزة محسة قامت بها الحجة على العالمين، إذ عجز الخاطبون وهم عاجزون إلى الأبد أن يأتوا بسورة من مثله: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (٣). فالعجز عن الإتيان بأدنى سورة من سوره هو مظهر إعجازه، وهناك زيادة على الإعجاز معجزات تظهر حيثما وجدت شيئًا يستحيل أن يكون مصدره بشريًا كالآيات التي تتحدث عن كونيات لم يكتشفها الإنسان إلا مؤخرًا، وكإخباره عن الغيوب السابقة واللاحقة، وأسرار وحدته إلى غير ذلك من أمور أطنب الكتاب في شرحها وتحدثنا عن بعضها في كتابنا (الرسول) صلى الله عليه وسلم وفصلنا الكثير منها في التفسير.

- والحديث عن أسباب الإعجاز يطول وقد لا يدرك كل إنسان هذه الأسباب ولكن الحجة قائمة على البشر بالعجز وفي ذلك الكفاية، والأسهل على الخلق أن يتعرفوا على معجزاته، فقيام الحجة بها على العرب والعجم وكل مكلف لا يتمارى فيه، فمن معجزاته أنه قدم للمكلفين هداية كاملة في العقائد والعبادات والتشريع والأخلاق والآداب ومن معجزاته أنه قدم تصورًا عجيبًا عن الكون والحياة وعن الزمان والكان بما لم تعرف أبعاده إلا في عصرنا: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (٤)، {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا


(١) هود: ١.
(٢) النساء: ٨٢.
(٣) البقرة: ٢٣، ٢٤.
(٤) الحج: ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>