هذا الأمر مستقيمة لا تؤثر فيها نزعة هوى، ولا جموح شهوة، ولا اضطراب الأماني والأحلام في قلبه.
(د) ولا شك أن هذه المستقيمات الثلاثة السابقة: الاتجاه المستقيم والإشراق المستقيم، والتفكير المستقيم يترتب عليها أمر رابع مستقيم، وهو اطمئنان العقل والقلب إلى فكرة خاصة من بين ما يعرض لها من الأفكار والآراء والأنظار. وذلك هو الإيمان المستقيم، أو الاعتقاد المستقيم الذي يصحبه ارتياح واطمئنان، وبه يصير القلب في روح وريحان من النعيم المعنوي.
(هـ) والذي يتمم الأمور الأربعة السابقة لفظ مستقيم، وذلك بأن يكون نطق الإنسان بما انتهى إليه من فكره مطابقاً تمام المطابقة لاعتقاده، ولما ارتاح إليه، وعمر قلبه بالسرور به.
(و) السلوك المستقيم: وذلك هو الأمر السادس الذي لابد منه لسلوك الممر الوسط، والسلوك المستقيم ما يكون مطابقاً لكل ما قام بالقلب من اعتقاد فيكون العمل على وفق العلم، فلا مجافاة بينهما، ولا مناقضة، بل يكون كل منهما مؤكداً للآخر أو متمماً له.
(ز) الحياة الصحيحة: بأن يكون قوامها هجر اللذات هجراً تاماً وأن يكون كل ما يجري فيها متطابقاً مع السلوك القويم، والعلم الصحيح، ولا يشذ فيها شيء عن مقتضى هذا السلوك وأحكامه.
(ح) الجهد الصحيح: وذلك بأن تكون كل الجهود التي يبذلها الإنسان في سبيل أن تكون الحياة مستقيمة سائرة على مقتضى السلوك، والعلم والحق، ومنع كل ما له صلة باللذات، أو من شأنه أن يثير دواعيها. ويحفز إليها.
هذه هي الأمور التي لو تمت على وجه مستقيم سار الشخص على الجادة، وسلك الممر الوسط الذي يوصل إلى حياة سعيدة خالية من الآلام خلوها من دواعيها، وهي الشهوات واللذات. ا. هـ. (مقارنات الأديان لأبي زهرة).